البيع من المزارع إلى المستهلك… هذا الشعار هل حقق غايته المرجوة؟

الوحدة: 28-2-2021

 

مع انطلاق العمل بالأسواق الشعبية التي من شأنها أن تهدف إلى توفير المنتجات الزراعية تحت شعار البيع من المزارع إلى المستهلك بأقل الأسعار عبر كسر حلقات الوساطة، حيث بدأ العمل في استثمار الساحات والأسواق الشعبية التي تم تخصيصها للمزارعين منذ عدة أشهر، فهل لاقت هذه التجربة إقبالاً واسعاً من قبل المزارعين والمستهلكين أم أنها عبارة عن شعارات رنانة لم تف بالغرض المنسوب إليها؟

من خلال التوجه للتعرف على الساحات التي تم وضعها في الخدمة للبيع من المزارع إلى المستهلك لم نلحظ أياً من تلك الأسواق على أرض الواقع في منطقة الفاروس وكذلك الحال في منطقة البولمانات سوى لافتات تدل على وجود سوق شعبي لكنه لم يكتمل، باستثناء سوق الخضار التي تم نقله من منطقة التأمينات الاجتماعية إلى منطقة قنينص فقد شاهدنا سوقاً عبارة عن بسطات لعرض منتجات الخضار والفواكه للمستهلك مع الغياب المباشر للمزارعين.

 

من خلال تحقيقنا حول ذلك ضمن سوق قنينص أبدى الكثير من المواطنين ملاحظات متعددة والتي بدأت تظهر نتائجها في الوقت الحالي منها صعوبة الوصول إلى هذا السوق حيث يترتب عليهم أعباء النقل والتنقل كونه لا يوجد خط للمواصلات أو باصات النقل الداخلي، وأضافوا بأن هذه الأسواق بعيدة كل البعد عما تناولته الصحف والجهات المعنية حول ذلك،  فالأسواق بالأمس نفسها اليوم،  ولم يتم ضمنها استيفاء كافة الشروط الفنية بما فيها هذا السوق الجانبي والمخصص فعلياً للمزارعين حيث وجد كل شيء وغابت محاصيل الفلاحين أنفسهم، لذلك هذه الأسواق لا تعتبر مشاريع خدمية للمزارعين والمستهلكين كونها لا تتوفر ضمنها الاشتراطات الفنية والتي تتعلق بالموقع وتجهيزات السوق والمحاصيل الزراعية التي تعرض بشكل مباشر، كما لا تتوفر وحدة المعلومات من حيث كميات وأسعار وأنواع المحاصيل الزراعية وحركتها اليومية، كما لا يوجد تنظيم أوقات البيع ومواعيد إدخال المحاصيل وغيرها، بالإضافة إلى أن أسعار المحاصيل التي تباع من المزارعين متقاربة مع أسعار البسطات التي تعرض ضمن السوق.

من خلال رصدنا لتلك الأسواق الشعبية كان الكلام شبه موحد من المواطنين وسط اتهامات يتقاذفها كل من البائعين والمستهلكين من آثار تلك الأسواق، فالمواطن مستاء من الارتفاع الجنوبي للخضار والفواكه الذي يعاني من آثارها الاجتماعية والكثير من البائعين يستغلون الظروف الجوية من أجل الربح الفاحش، فيما بين أصحاب البسطات والبائعين بأنه لا يهمهم المكان ولا الموقع بقدر ما يهمهم تأمين لقمة العيش وبيع البضاعة التي ينوون بيعها، وحول ارتفاع أسعار هذه الأسواق أشاروا إلى أن هناك تبايناً كبيراً في أسعار هذه الأسواق مع المحلات في الأحياء، فنحن لسنا مزارعين بل تجار مفرق نقوم بشراء المنتجات الزراعية من سوق الهال وبيعها في هذا السوق، ولم نلاحظ إلا عدداً قليلاً من المزارعين يقومون ببيع بعض من محاصيلهم الزراعية هنا.

 حاولنا التحدث معهم فقالوا إن هذه الأسواق لا يمكن أن تخدمنا إلا عندما نقوم ببيع كميات قليلة من المحاصيل الزراعية فهي عبء علينا مادياً وجسدياً، لذلك لا نأتي إلى هذا السوق يومياً، ونحن كمزارعين لدينا خيارات متعددة فقد يقوم التاجر أو المستثمر بضمان كامل المحصول الزراعي وجنيه بطرق سريعة وتوريده إلى أسواق الجملة في كافة المحافظات بطرق متعددة ونقوم بقبض المال بشكل فوري ونحن في منازلنا، فهل يعقل أن نقوم بعرض منتجاتنا في هذه الأسواق والتي لم تحقق مبتغاها وشروطها الفعلية؟! فلو كانت هذه الأسواق معارض يؤمها التجار والمستثمرون للتعرف على محاصيلنا وشرائها دفعة واحدة لكن على أن نبيع بالكيلو فهذا أمر مستبعد ويعتبر هدراً للوقت ويجعلنا نعمل على حساب الأرض ومراقبتها فالحقل بحاجة إلى ساعات عمل ومتابعة، ونحن لا نستطيع أن نبقى في السوق لوقت طويل كون تكاليف الإنتاج الزراعي أصبحت مضاعفة وتسويقها مشكلة كبيرة نعاني منها فلا يمكن الحل بهذه الطريقة.

وعن أهمية هذه الأسواق وهل استطاع المزارع عرض منتجاته الزراعية والغذائية وبيعها للمستهلك بشكل مباشر أم أن هذه الأسواق عبارة عن نقل من مكان إلى آخر،  كان الجواب حول ذلك من قبل السيد حكمت صقر رئيس اتحاد الفلاحين الذي قال: مع بداية النهوض بتلك الأسواق كانت جيدة، حيث كان المزارع يقوم بتوريد منتجاته الزراعية عن طريق اتحاد الفلاحين بالتعاون مع مديرية الزراعة وبلدية اللاذقية، فقد تم العمل بهذه الأسواق التي تقع ضمن المدينة متمثلة بثلاثة مواقع كراج الفاروس وكراج البولمان وسوق قنينص، ولكن لم يعمل سوى قنينص فهناك عدد من المزارعين يقومون بعرض منتجاتهم الزراعية ضمن هذا السوق إلا أن حركة البيع ضعيفة، وهناك أسباب متعددة أدت إلى عدم النهوض بتلك الأسواق وأهمها يتعلق بضعف القوة الشرائية وصعوبة النقل والتنقل بالمزارعين ومنتجاتهم الزراعية، كما أن المكان المخصص لعرض المنتجات الزراعية صغير جداً، والمزارع لا يمكن أن يقوم بتوريد جزء بسيط من منتجاته الزراعية بشكل يومي ليتم بيعها عن طريق المفرق، حيث يقوم بالبيع عن طريق سوق الهال بالجملة وقبض حقه بشكل مباشر، ومما لا شك فيه بأن هناك بعض المزارعين يقومون ببيع بعض الحشائش والمنتجات الصغيرة ضمن هذا السوق فهناك من يقوم بإنتاج قليل كالصابون ونباتات الزينة والعطرية وعرضها على المواطنين، وأضاف صقر بأنه كانت هناك نية لإقامة سوق زراعي بالقرب من محطة القطار ليستقطب شريحة من المزارعين لكن كانت الاستجابة ضعيفة من المزارعين.

وما يندرج على عاتق اتحاد الحرفيين حول هذه الأسواق الشعبية حدثنا السيد جهاد برو رئيس اتحاد الحرفيين فقال: تعتبر الأسواق الشعبية إحدى الخدمات الهامة في المحافظة فالجهات المعنية قامت بواجبها في إنشاء أسواق ضمن الساحات وبعض الأحياء في المدينة حتى يتم تقديم كل ما هو أفضل للمزارعين والحرفيين لبيع منتجاتهم الزراعية والغذائية وغيرها ضمن هذه الأسواق لكنها لم تلق رواجاً حقيقياً لأسباب عدة تتعلق بأصحاب المهن والحرفيين حيث لم تكن هناك مساندة حقيقية من قبلهم، فالكثير منهم لم يبد رغبته في الانخراط بتلك الأسواق، كما أن هذه الأسواق بحاجة إلى مزيد من الخدمات والبنى الفوقية كون أصحاب المهن الحرفية بحاجة إلى محلات ثابته ومغلقة لسبب بسيط مفاده بأن الحرفي لا يستطيع بشكل يومي نقل لوازم العمل صباحاً ومساء ووضعها مكشوفة وسط السوق لذلك هذه الأمور تعد من أهم الأسباب التي لم تلق رواجاً من الحرفيين، وكافة الإجراءات لم تناسب الحرفي بسبب نظام السوق الذي يقوم بتسليم المحل لمجلس المدينة ظهراً، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مصاريف وأجور زائدة لا يتحملها الحرفي في ظل الأوضاع الراهنة بالإضافة إلى صعوبة النقل والتنقل.

ومن جهة أخرى كيف يتم ضبط الأسعار ومراقبتها في هذه الأسواق بما يتناسب مع لوائح الأسعار، أوضح المهندس أحمد زاهر رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن هناك سوقاً في قنينص وآخر في مدينة جبلة وهما يعتبران سوقين شعبيين لتصريف المنتجات الزراعية للفلاحين، ويقع على عاتقنا تغطيتها رقابياً حيث نقوم بالجولات اليومية ومتابعة الأسعار بشكل حثيث من حيث الإعلان عن الأسعار والمواد الكاملة والجودة والنوعية حيث اتخذت كافة الإجراءات اللازمة حيال ذلك، فهذه الأسواق بشكل عام لم تحقق الغاية المرجوة منها فهي تحمل المزارعين مسؤوليات إضافية لذلك لم تلق رواجاً لهم.

بثينة منى

تصوير حليم قاسم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار