إيجارات البيوت كابوس يؤرق المواطنين

الوحدة: 1- 2- 2021

 

 

تشهد الإيجارات في اللاذقية ارتفاعاً غير مسبوق، وأصبح الإيجار كابوساً يؤرق المواطنين خاصة من هم مقبلون على الزواج، لا هم قادرون على شراء منزل ولا قادرون على استئجاره، ولا يلوح في الأفق القريب أي بصيص أمل في سوق العقارات.

– محمد طالب جامعي قال: أتيت بغرض الدراسة في الجامعة، ولم تتح الفرصة لي بالسكن الجامعي، بدأت رحلة البحث عن غرفة، طبعاً عن طريق مكتب عقاري، وهو متلهف أكثر مني لأن له عمولة في هذا الأمر، وطالت هذه الرحلة على أمل أن أحظى بغرفة بمبلغ ٥٠ ألف ليرة سورية، ووجدتها في منطقة الزحطة قرب مشفى العثمان، ويا ليتها غرفة، فرش مهترئ، براد أكل الزمان عليه وشرب، كل شيء يدعو للاستياء لكنني رضيت بها بسبب حاجتي لها.

– أبو حسام مستأجر في حي الزراعة وليس على الشارع العام إنما في الأحياء الداخلية قال: لقد طالت رحلة البحث عن منزل يؤويني أنا وعائلتي المؤلفة من أربعة أشخاص، ووجدت هذا المنزل، وهو عبارة عن غرفتين على أساس مفروش، من الخارج يبدو مغرياً، ولكن من الداخل سخام، ولكني مضطر وقد بلغ الإيجار ١٥٠ ألف ليرة، عداك عن السلف والتأمين وغير ذلك.

صاحب الملك سلطان السيد علي يقول: لدي منزلان معدان للإيجار، وقد أصبح هذا الإيجار مصدر رزق لي، وأضع السعر الذي يناسب أسعار هذه الأيام، وقد كلفني بناء هذين المنزلين الكثير، ولا أجبر أحداً على السعر الذي أضعه ورزقي وأنا حر فيه..

– أسعار خيالية هذا ما قاله الدكتور مصطفى الدرويش اقتصاد ماجستير إدارة أعمال، أصبحت إيجارات المنازل خيالية وهي غير مناسبة ولا متناسبة من حيث الدخل للمستأجر بحيث وصل إيجار المنزل إلى ١٥٠ ألف ليرة وفوق حسب المنطقة، وبات الكثيرون يشترون عقارات ليؤجروها حيث أصبحت مصدر رزق لهم، ولعب كثرة الطلب وقلة العرض دوراً أساسياً إضافة إلى الطمع من قبل بعض المالكين واستغلال حاجة الناس للإيجار.

– أبو الزين صاحب مكتب عقاري يقول: كل شيء يخضع للعرض والطلب ولا يوجد أي شيء ثابت، السوق هو الذي يفرض والقطاع الخاص يلعب دوره، ننظر إلى الحالتين باب رزق للمالك وغال على المستأجر، ونحن كأصحاب مكاتب لنا دور في توثيق العقود في البلدية لضمان حق المؤجر والمستأجر وعمولتنا معروفة نسبتها، ولكن ليس لنا دور في تحديد الأسعار على الإطلاق إنما يعود ذلك إلى صاحب البيت.

القانون ماذا يقول؟

حول قانون الإيجار السوري وحق المؤجر والمستأجر إضافة لقضايا أخرى هذا ما أطلعنا عليه المحامي حسين عبد الله الجردي، يقول: قانون الإيجار السوري النافذ حالياً هو القانون رقم ٢٠ تاريخ ١١/١١ /٢٠١٥ والذي جاء في سياق السياسة التي انتهجها المشرع السوري منذ عام ٢٠٠١ بصدور القانون رقم ٦ الذي أعاد الاعتبار لمبدأ سلطان الإرادة في العلاقة التعاقدية بين طرفي عقد الإيجار (المؤجر والمستأجر) وتطبيق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين والحد من تدخل المشرع في إرادة المتعاقدين الذي كان سائداً في ظل قانون الإيجار السابق المرسوم التشريعي رقم /١١١/ لعام ١٩٥٢ الذي كان خير مثال في الحد من سلطان الإرادة في العملية التعاقدية بين طرفي عقد الإيجار حيث لم يكن المؤجر يستطيع استعادة عقاره المأجور من المستأجر ولو انتهت مدة الإيجار المحددة في العقد وتبقى العلاقة الإيجارية ممدة حكماً بقوة القانون إلا في حالات محددة نص عليها المرسوم التشريعي /١١١/ لعام ١٩٥٢ حيث يمكن للمؤجر طلب إخلاء المأجور واستعادة عقاره كحالة عدم دفع الإيجار المستحق للمؤجر وحالة تملك المستأجر داراً صالحة للسكن أو حاجة المؤجر عقاره للسكن، لكن في التطبيق العملي كان من الصعب تحقيق شروط الإخلاء المنصوص عنها في ذلك القانون ويصعب بالتالي على المؤجر استعادة عقاره المأجور، أي أن العلاقة الإيجارية كانت لها صفة التأجير لا التوقيت، وهذا ما يتنافى مع الطبيعة القانونية لعقد الإيجار، ما دفع المشرع للبحث عن حل لتمكين المالكين من استعادة عقاراتهم المؤجرة من سنوات طويلة وبنفس الوقت جلب الضرر اللاحق بالمستأجر من جراء إخلائه واستعادة المأجور منه فجاء بفكرة الإخلاء لعلة التعويض، حيث أعطى المشرّع في القانون ٢٠ لعام ٢٠١٥ وقبله القانون ٦ لعام ٢٠٠١ الحق للمؤجر المالك بطلب إنهاء العلاقة الإيجارية لقاء تعويض المستأجر بمبلغ يعادل نسبته ٤٠% من قيمة المأجور شاغراً تقدر بتاريخ الكشف مع مراعاة قيمة العقارات في السوق التجارية وعلى المؤجر دفع المبلغ المذكور من ماله الخاص للمستأجر بعد أن يتم الحكم من قبل المحكمة، أما من جهة تحديد بدل الإيجار فقد كان يحق لكل من المؤجر والمستأجر التقدم للقضاء كل ثلاث سنوات بدعوى لتمديد بدل الإيجار دون اعتبار لما هو متفق عليه بين الطرفين في عقد الإيجار وتقوم المحكمة بتجديد بدل الإيجار بنسبة ٥% من قيمة المأجور في العقارات السكنية.

تلك السياسة التشريعية في العلاقة بين طرفي العلاقة الإيجارية أثبتت فشلها في تحقيق الغاية من مؤسسة عقد الإيجار حيث أدت إلى امتناع الكثير من المالكين عن تأجير عقاراتهم وبالتالي قلة العرض في السوق وعدم سد حاجة طالبي الإيجار لمأوى لهم وإن وجد، تتضمن شروط صعبة وقاسية مما دفع المشرع لتغيير سياسته في العملية التعاقدية بين المؤجر والمستأجر منذ عام ٢٠٠١ بالقانون رقم ٦ ثم القانون رقم ١٠ لعام ٢٠٠٦ وأخيراً القانون رقم ٢٠ لعام ٢٠١٥ حيث خضعت العلاقة التعاقدية لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين سواء لجهة مدة الإيجار أو مقدار بدل الإيجار وكل ما يتعلق بالعلاقة الإيجارية ومن الصعب القول أن قانون الإيجار الجديد أعاد التوازن لطرفي العلاقة الإيجارية أو حقق العدالة بين طرفي الإيجار لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين أطلق العنان للمالكين لطلب بدلات إيجار خيالية لا تتناسب إطلاقاً مع دخل المواطن السوري حيث وصل بدل إيجار أي منزل إلى ما يزيد ويفوق راتب أي موظف في سورية، المستأجر مضطر لقبول ذلك لأنه الطرف الضعيف في العلاقة الإيجارية فالحاجة للمأوى لا يمكن الاستغناء عنه ولا بديل له وبالتالي يقبل شروط المؤجر ويذعن لطلباته المتجددة.

 أميرة منصور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار