قصة السكن بالإيجار حكايا وشجون لكل الأطراف من ألف ليلة وليلة

الوحدة: 1- 2- 2021

 

تحول جنون الأسعار في كل مفاصل حياتنا إلى كابوس يؤرق أيامنا وسباق مع العمر لا متسع فيه حتى لالتقاط الأنفاس، ولامجال فيه للوقوف دقيقة صمت على أرواحنا المتعبة المنهكة، فالأسعار تضاعفت مرات ومرات في كل ما يخص معيشتنا من مأكل وملبس وطبابة ومسكن بينما بقي الراتب على حاله ضئيلاً يشهق ولا يلحق.. نناقش اليوم قصة المسكن ونخص منها السكن بالإيجار وما يعانيه المواطن من مشقة في تأمين بيت للسكن يضمه وعائلته، وإن كان البعض يعتبر كلامنا بلا جدوى كونه لا آذان تصغي لوجع الناس فإننا نصر على دور الكلمة وأهميتها، وأنه لابد من حل وانفراج يلوح بالأفق مهما تلونت أيامنا بالسواد.

– حدثتنا بداية الآنسة عرين عيسى، وهي صاحبة مكتب العرين بالقرداحة، عن واقع الإيجارات بالقرداحة قائلة: الإيجارات أكثر جانب نعاني منه كمكاتب عقارية لقلة المنازل المعروضة للإيجار،  لا توجد منازل بقدر طلبات الناس المقبلة على الإيجار حيث أن أسعار الإيجارات فيها مازالت أرخص من المناطق أو المدن الثانية، بينما تتماشى أسعار البيوت فيها مع أسعار البيوت في المدن الأخرى حيث سعر أقل بيت تتوافر فيه الشروط الجيدة للسكن تتراوح ما بين ٢٥و٣٥ مليون ليرة سورية وعندما يعرضه صاحبه للإيجار فأن أغلى إيجار في المنطقة هو٥٠ ألف ليرة ولا أحد يدفع مبلغ ٣٥ مليون لتعود له بمبلغ ٥٠ ألف شهرياً، لذلك الناس في المنطقة تشتري المنازل فقط للسكن وليس لاستثمارها في الإيجار بينما من يحب أن يستثمر أمواله في بيوت للإيجار فإنه يتجه لمدينتي جبلة واللاذقية حيث أن البيت الذي ثمنه مثلاً ٣٠ مليون ليرة إيجاره لا يقل عن ١٠٠ ألف ليرة وأحياناً ١٥٠ ألف ليرة سورية.

وتضيف عرين: جميعنا عاجزون عن حل المشكلة لأنه ليس من الجيد أن نزيد الإيجار لأننا سنظلم المستأجر المتعب أصلاً، ولا نستطيع تخفيضه حتى لا نظلم صاحب العقار فالغلاء الذي فرضته الأزمة والرواتب التي لا تتماشى مع الغلاء أياً كان نوعه كالإيجار مثلاً، حيث أن فكرة الغلاء غير منطقية وغير متناسبة مع الإيجارات، والدولة وحدها القادرة على ضبط هذه الأسعار وإيجاد الحل المناسب لأن مشكلة السكن من المشاكل الأساسية للمواطن، وقد أصبح الشباب يبتعدون عن فكرة الزواج لأنهم لا يملكون القدرة على تأمين بيت حتى بالإيجار، وأضافت: تتأثر أسعار إيجارات البيوت بعوامل كثيرة منها الموقع والكسوة والديكور، أيضاً نصادف مشكلة تفاوت أسعار المنازل أو الإيجارات حسب الأحياء رغم أنه نفس الكسوة والتجهيز والديكور، ولكن هناك أحياء أغلى من أخرى بأكثر من الضعف أحياناً، رغم أنهما نفس البعد عن السوق والمدارس والخدمات الأخرى، ولا يوجد أي سبب منطقي لهذه الزيادة الكبيرة والفارق بين حي وآخر في نفس المنطقة ويفترض من المعنيين وجود ضابطة تسعيرية واضحة تحتمل التجاوز بشكل منطقي وليس بزيادة غير مقبولة قد تصل إلى ١٠٠ ٪، وبما أن العقد شريعة المتعاقدين فنحن ليس لنا أي صلاحية بالتسعيرة حيث يأتي صاحب البيت ويعرضه في المكتب ويطلب به الأجر الذي يناسبه، وهناك أناس تطلب الأجر سلفاً، وهناك أناس تشترط إذا تم دفع سلف لها سوف تخفض من الأجر الشهري ولا يوجد أي مشاكل بخصوص عقد الإيجار ولكن المشكلة في قلة المنازل الموضوعة للإيجار مقارنة بالطلب الكبير عليها.

– كما والتقينا بعض المؤجرين ضمن المنطقة والذين حدثونا أيضاً عن واقع الإيجار وكيف تم الاتفاق مع المستأجر وفقا للأصول القانونية منهم السيد رواد  إبراهيم والذي أخبرنا بأنه يضع البيت في المكتب العقاري وعند تأمين المستأجر يتم إعلامي للحضور والاتفاق على الإيجار ويتم توثيق الاتفاق بعقد إيجار وتسجيله في البلدية، ويتم دفع الإيجار بشكل شهري أو سلف كل ستة أشهر وحسب الاتفاق، وأضاف: طبعاً يتم وضع مبلغ تأمين أيضاً حسب الاتفاق لإصلاح الأعطال إن وجدت وإعادة ما تبقى من المبلغ للمستأجر، كما يتم إحضار براءة ذمة من قبل المستأجر ودفع فواتير الكهرباء والماء المترتبة عليه حتى تاريخ إخلائه.

وقالت السيدة غيداء: يلقون التهم على المؤجرين بأنهم سبب غلاء الإيجارات وينسون أنهم مثلهم ويعانون من غلاء كل شيء حولهم وربما أن البيت الذي يتم تأجيره هو مصدر الدخل الوحيد مثلي أنا وعائلتي حيث نعتمد على إيجار البيت في معيشتنا وليس من المعقول أن كل شيء ارتفع سعره أضعافاً مضاعفة وتبقى أجرة البيت كما هي.

– العم علي أيضا قال متسائلاً: من أخبركم أن كل أصحاب البيوت المؤجرة أغنياء، نحن أناس نعيش على الإيجار وكل الأسعار تضاعفت يعني إذا ملك أحدهم شقة سعرها ٢٠ مليوناً وباعها ووضع ثمنها في البنك يطلع له من فوائدها ما لا يقل عن ١٣٠ ألف ليرة بالشهر ويأتون ويلقون التهم علينا بأنه إذا أجرنا شقتنا ب ٤٠ أو ٥٠ ألف ليرة فإننا نساهم في الغلاء وينسون التصليح والصيانة التي نقوم بها خلف المستأجر، أو مثلاً حين نحتاج البيت ولا يخليه، وأكد العم علي بأن المشكلة  بالرواتب الثابتة عند حد معين رغم ارتفاع أسعار كل شيء.

 

– أيضاً شاركنا الحديث بعض المستأجرين الذين أفاضوا بالبوح حول شجونهم ومعاناتهم المتجددة باستمرار حيث شرحت السيدة أحلام محمد: المشكلة بهذا الغلاء المرعب وخاصة أن إيجار أقل بيت بالقرداحة ٣٥ ألف ليرة وهذا لا يتناسب مع الراتب نهائياً، ناهيك عن المؤجر الذي يطلب أجراً زائداً كلما جددنا العقد، رغم أن راتبي لم يتغير ولم يطرأ عليه أي زيادة، وعندما حاولت البحث عن بيت آخر لم يتوفر لي ما أطلبه حيث البيوت المعروضة للإيجار قليلة وهذا ما يجعلني أرضخ لطلبات المؤجر ودفع الزيادة رغماً عني وعن ظروفي السيئة، وأضافت: أتمنى أن تشيروا أيضاً إلى الأشياء التي تحتاج للإصلاح ضمن المنزل وكان في السابق أي تصليح يقوم به المستأجر يخصم من الإيجار ولكن لا أحد يلتزم حالياً بهذا الكلام حيث يصر المؤجر أنه تم تأجير البيت على وضعه وإذا ما أراد المستأجر أن يحسن فيه أي شيء فمن حسابه الخاص، وبصراحة هناك الكثير من المشاكل التي لا نستطيع لمسها خلال المعاينة الأولى للمنزل وتوقيع العقد مثل مشاكل بالكهرباء أو الماء والتمديدات الصحية، أو السخان مضروب مثلاً، أو النوافذ تسرب الماء إلى الداخل أو… بالنهاية أيضاً كل هذه الأعطال تخلق لنا مشاكل لم تكن بالحسبان، وقالت: كم أحلم أنا كمواطنة أمضيت عمري متنقلة ببيوت الإيجار أن تقوم الدولة بإنشاء ضاحية وتؤجرنا أو أن تبيعنا بأسعار منطقية وأقساط منطقية ودفعة أولى منطقية تناسب وضعي ووضع جميع الموظفين ذوي الدخل المحدود وبعيدة عن الواسطات وتكون بمتناول الجميع حتى لا نبقى تحت رحمة الإيجارات والمؤجرين، وأستطيع بعدها أن أفكر بزواج أبني الذي يتهرب من الزواج من كثرة ما عاناه معنا من التنقلات ضمن البيوت المستأجرة.

– السيدة أمل قالت: نملك بيتاً في القرية ولكنه بعيد عن مركز دوامي ودوام زوجي وبعيد عن الخدمات، ولذلك أجرنا بيتنا بالقرية بمبلغ زهيد واستأجرنا بالقرداحة  بمبلغ ٥٠ ألف حيث تتوفر نوعاً ما الخدمات والمواصلات إلى الجامعة للأولاد وبالقرب من مراكز عملنا.

– السيدة حميدة قالت: ما الفائدة من الكلام إذا لم يوجد الحل، حيث الإيجارات لا رقيب عليها ولا حسيب، الله يكون بعون المستأجر بهذا الزمان وخصوصاً إذا كان موظفاً حيث يدفع كل راتبه إيجار الشهر ويفتح فمه للهواء بقية الأيام، وأكدت: نتحمل فوق طاقتنا تكاليف الإيجارات وتكاليف ارتفاع المعيشة رغم أن بعض البيوت التي استأجرناها لا تحوي أياً من مقومات السكن الصحي ولكن ليس باليد حيلة ولا يتوافر أمامنا إلا هذا الخيار وخاصة أن الإيجار صار أكبر من راتب الموظف.

– السيد سليم تمنى أن يخرج قانون إلى الضوء ويقونن الإيجارات العالية وينهي التأجير العشوائي دون أي رقابة وأن توضع التسعيرة حسب الأحياء والمساحة، نطالب بالرحمة بالإيجارات وبالأسعار الخيالية إلى جانب الوضع المعيشي المتردي والغلاء الفاحش بأسعار مواد البناء وهذا ما يمنعنا من بناء بيت خاص بنا ويرفع أسعار البيوت والإيجارات زيادة عن جنونها السابق.

وأكد في الختام جميع من التقيناهم من المستأجرين حاجتهم إلى سيادة مؤسسات الدولة على قطاع السكن والعقارات وضرورة تدخلها الإيجابي لحل مشكلة الغلاء عبر بناء ضواحي خاصة ومساكن شعبية وتخفيض أسعار مواد البناء، وضرورة وجود قانون يحد من ارتفاع أسعار إيجارات المنازل حيث أن المستأجر هو نفسه ذاك الموظف الغلبان صاحب الدخل المحدود والذي لا يكفيه راتبه لخمسة أيام من الشهر.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار