غفوة سريرية والعثرات فنية.. بئر قرية حبيت الارتوازي: هل حان موعد الاستيقاظ!

الوحدة 21-1-2021

 

 

 لا تختلف رواية البئر الارتوازي الذي حفر في قرية حبيت منذ أكثر من سنتين والتي قصها لنا أهالي القرية المذكورة عن رواية لشخص ما قد أصيب بأعراض مرضية مفاجئة لتتحول أعراضه تباعاً ونتيجة لخطأ طبي أثناء العلاج وإجراء عملية جراحية له إلى حالة سبات طويلة الأمد.

إلا أن الغفوة الطائلة لبئر حبيت الارتوازي وغفوة ذاك المريض شاسعة الفروق

فربما مع متابعة الأطباء واهتمامهم قد يعود المريض للحياة مجدداً، لكن ماذا حل بالبئر المسكين الذي تُرك وحيداً لسنوات بعد خطأ فني أدى لحدوث إعاقة حالت دون تركيب مجموعة الضخ الغاطسة ضمن البئر، علماً وأنه حسب كلام الأهالي أن نتائج  الحفر كانت مرضية وتشير إلى تدفق المياه بشكل جيد يمكن استثمارها لخدمة سكان القرية إلا أن الخطأ الفني قد أفسد العملية لتغادر الجهات المعنية المكان من ذاك الحين ويبقى أهالي القرية ومن حولها يتلهفون لنقطة ماء فلعل وعسى يستيقظ بئر قريتهم من غفوته الطائلة.

فهل ستعود الجهات المعنية إلى نفس المكان مجدداً لإصلاح الخطأ الحاصل أو لحفر بئر آخر لا يدرك معنى للنوم ليروي عطش أهالي قرية حبيت وجبلايا وعين التينة ومن حولهم من القرى.. ربما؟

هذا ما سنستهله في محور بحثنا  لنجيب عليه من خلال لقاءات عدة أجريناها مع المعنيين بالقضية المطروحة والتي طال انتظار استيقاظها.

كشف لنا رئيس مجلس بلدة عين التينة الأستاذ سامر أحمد عن معاناة قرى حبيت وجبلايا وعين التينة من قلة المياه لأسباب متعلقة بالتقنين الكهربائي وضعف نبع عين المجنونة الذي يروي القرى المذكورة إضافة لقرى أخرى مثل القموحية وخدللو وبليهون، مضيفاً بأن عملية الضخ حالياً لكل قرية مرة كل اثني عشر يوماً إذ يتم إطفاء مجموعات الضخ كل ساعة ونصف  حتى يتم ملء الخزان لإعادة الضخ مرة أخرى، وأوضح لنا أحمد بأن قريتي حبيت و جبلايا تحتاجان أربعة أيام لإروائهما بينما تحتاج قرى خدللو  والقموحية وبليهون إلى ثلاثة أيام، وبالنسبة لقرية عين التينة تحتاج إلى خمسة أيام،  منوهاً إلى أنه بتاريخ ٢٨/  ١٢/ ٢٠٢٠ تم إرسال صهريج مياه إلى قرية عين التينة مع بدء عملية الضخ أيضاً من خلال الشبكة بالتنسيق مع مجلس بلدة عين التينة.

وبالنسبة للبئر الارتوازي الذي تم حفره سابقاً في قرية حبيت  قال الأستاذ سامر: من أجل تحسين واقع مياه الشرب في المنطقة قامت المؤسسة بتنفيذ محطة ضخ (خزان أرضي سعة ١٠٠ متر مكعب  – خط ضخ يبلغ قطره ٨٠ سم) بهدف استثمار البئر المحفور من قبل مديرية الموارد المائية ولكن لأسباب فنية تتعلق بالبئر لم تتمكن المؤسسة من استثماره حيث تم الاقتراح بحفر بئر جديد بالقرب من القديم وقد اعتذرت مديرية الموارد المائية في اللاذقية بكتاب رقم (١٨٥٩/ص. ف) تاريخ ٤/ ١٠ / ٢٠٢٠ عن حفره وعليه ستقوم مؤسسة المياه بالإعلان عن تنفيذه فور الانتهاء من إجراءات التدقيق الفني للدراسة والموافقة على الإعلان أصولاً.

من جانب آخر فقد عزا مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة اللاذقية المهندس مضر منصورة سبب التأخر في تزويد قرى عين التينة وحبيت وجبلايا بمياه الشرب لأسباب عدة متعلقة بامتداد فترة الجفاف وقلة الأمطار وخاصة هذا العام على غير العادة الأمر الذي نتج عنه نقص شديد بغزارة نبع المجنونة مما اضطرهم إلى تجميع المياه في خزان محطة النبع لوقت طويل ومن ثم ضخها للقرى المذكورة مضيفاً أن مؤسسة المياه قامت باستخدام الصهاريج للتخفيف من معاناة الأهالي لحين تساقط الأمطار وزيادة غزارة النبع.

ولدى سؤالنا عن الكتاب الذي تم رفعه لمحافظة اللاذقية من أجل تركيب محولة كهربائية قادرة على تشغيل غاطسين معاً وبالتالي الضخ لأكثر من قرية في نفس الوقت ذلك الكتاب الذي كنا قد علمنا به من خلال لقاء سابق أجريناه بتاريخ ٢٨ / ٩/ ٢٠٢٠ مع رئيس وحدة مياه الثورة معين عليا ليجيبنا المهندس منصورة قائلاً: بخصوص تركيب محولة كهربائية جديدة تمكن من سير عملية الضخ عبر محورين بنفس الوقت قامت المؤسسة بتحويل قيمة المحولة إلى شركة كهرباء اللاذقية وسيتم تركيبها بالقريب العاجل ليصار إلى تشغيل جميع محاور الضخ بنفس الوقت شرط توفر كمية مياه مناسبة من النبع مؤكداً أن مؤسسة المياه لا تدخر جهداً لإيصال مياه نظيفة وآمنة بكميات تكفي الحاجة إلا أن الظروف الجوية إضافة للاعتماد على مصدر واحد (نبع المجنونة) تسبب بهذه الأزمة حالياً ولم تتوان المؤسسة في البحث عن مصادر أخرى لاستثمارها وخاصة الآبار إلا أن الطبيعة الجيولوجية للمنطقة حالت دون تحديد مواقع لحفر آبار ودعم المنطقة بوارد مائي جديد.

وبالنسبة للبئر الارتوازي الذي تم حفره سابقاً من قبل مديرية الموارد المائية في قرية حبيت أضاف الأستاذ مضر موضحاً: قامت المؤسسة بتنفيذ جميع الأعمال اللازمة لاستثمار البئر (أعمال مدنية- خط ضخ- خزان أرضي- تجهيزات ميكانيكية كهربائية للبئر والخزان) ولكن لأسباب خارجة عن إرادتنا لم نتمكن من تركيب مجموعة الضخ الغاطسة  بسبب حدوث هبوطات بالبئر أدت إلى وجود إعاقة واستحالة تركيب مجموعة الضخ ضمن البئر ولحل هذه المشكلة قامت المؤسسة بإعداد دراسة لحفر بئر جديد بالقرب من موقع البئر القديم وسيتم الإعلان عن تنفيذه قريباً جداً.

 أما مدير الموارد المائية لمحافظة اللاذقية المهندس نبيل حسن فقد بين لنا أنه بموجب العقد رقم (٢٠) تاريخ ٢٠١٧ تم تنفيذ بئر قرية حبيت نوّه إلى أن تسليم موقع العمل كان بتاريخ ٢٨ / ١/ ٢٠١٧ وتم الانتهاء من تنفيذ الأعمال بتاريخ /٣٠ / ٩ / ٢٠١٧

 ليتم التسليم استلاماً مؤقتاً بتاريخ ٢١ / ١١ / ٢٠١٧ وذلك بعد تنفيذ تجارب الضخ الأولية والنهائية بحضور ممثل المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي وبناء عليه تمت مخاطبة مؤسسة المياه عن طريق السيد المحافظ بالكتاب رقم (ص/فا/٤٧٩) بتاريخ ٧/ ٣/ ٢٠١٨ لتركيب أجهزة الضخ والتجهيزات الأخرى اللازمة للاستثمار حيث قامت المؤسسة بإبرام العقد رقم (٢٧)  والذي موضوعه تقديم وتركيب وتجريب التجهيزات الميكانيكية والكهربائية اللازمة لاستثمار البئر وباشرت العمل فعلاً لاستثماره إلا أن استعصاء قد حدث على عمق ٣٧٥ م أثناء تركيب التجهيزات وفق كتاب المؤسسة رقم ٣٩٤٤ تاريخ ٨/ ٦/ ٢٠١٩

ولدى سؤالنا حول الجهة المسؤولة عن الخطأ الفني الحاصل أجاب الأستاذ نبيل: الأمر يعود لجهات معينة وهي التي تنظر بالموضوع مؤكداً أن القرى المستفيدة من البئر وكمية المياه اللازمة لسد العجز المائي من اختصاص المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي لأن المقرر سابقاً أن يستثمر البئر من قبلها موضحاً أنه حالياً تم اتخاذ إجراءات مناسبة لحفر بئر بديل من قبل المؤسسة العامة لمياه الشرب وذلك لتوفر الاعتماد اللازم لعام ٢٠٢٠ -٢٠٢١ والموضوع قيد المتابعة.

كلمة للمحرر

البئر الذي حفر ليكون متنفساً لأهالي قريته والقرى المجاورة التي تتلهف لقطرة ماء مازال مكانه راقداً لا يدرك ما حل به بعدما عثرت أخطاء فنية مجرى أنفاسه لسنين طويلة نتج عنها دخوله في مرحلة غيبوبة  منذ عام ٢٠١٧ فهل من المتوقع أن تكون سنة ٢٠٢١ عودة جديدة له إلى الحياة ثانية وفي حال وافته المنية هل ستؤدي الجهات المعنية واجباتها والتزاماتها كاملة بعزاء أهالي قرية حبيت وتعويض خسارتهم لفقيدهم من خلال حفر بئر آخر جديد وفي أقرب وقت ممكن..؟!

 نأمل أن تكون مرحلة الاستيقاظ قد بدأت!

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار