تشكيل لجان فنية مع الجامعة لإعادة تأهيل الغابات بعد الحرائق… 7- 8 % من مساحة حراج المحافظة تضررّت وللإعلام دور هام في نشر ثقافة حماية الحراج

الوحدة: 17-1-2021

 

 

 

 كثيرة هي التساؤلات.. فهل زراعة الأشجار الحراجية الباردة يخفف من تأثير الحرائق على الغابات كالشوح والأرز؟

يتداول الناس أنّ غابة العذر الموجودة في صلنفة لم يطلها الحريق فهل السبب برودة الطقس أم شجر العذر، وهل الغابات إضافة إلى فوائدها البيئية والسياحية والجمالية من المفترض أن تكون مشروعاً استثمارياً اقتصادياً رابحاً وناجحاً بالاتجاه لزراعة الأشجار المنتجة التي تصلح للعديد من الصناعات كالأخشاب لصناعة الأثاث كشجر البادلونيا والآزولا والتي تم رفضها كونها أشجاراً غازية ممكن أن تسيطر على البيئة الحراجية المحلية ويتطلب إدخالها شروطاً ومعايير خاصة ولكن أليس كونها تغزو المكان من الممكن أن تؤمن غطاء حراجياً دون تكاليف وجهد.

كما أن هناك الكثير من الأشجار ذات الإنتاج الورقي الغزير الذي يصلح لصناعة الورق  وهي عالمياً الفائدة الأعظم للغابات بعد دورها بالحفاظ على عملية التنفس وهل يتم  استثمار النباتات الطبية والعطرية وهل يتم استثمار مراعي النحل في غاباتنا.

لكن والأهم وبعد الحرائق التي اشتعلت مؤخراً في ريف محافظة اللاذقية وأتت على جزء هام من الحراج نتساءل ماهي القرارات والإجراءات التي ستخرج بها اللجنة الدراسة المشكلة بعد الحريق بين الحراج وعدد من الدكاترة المختصين في جامعة تشرين وهل ستخرج قريباً بقرارات تشكل خطوة جريئة وغير مسبوقة لحماية غاباتنا وإدخال أنواع شجرية جديدة ملائمة تمنحها التنوع والغنى والجمال والإنتاج.

 

قدمنا تساؤلات الجميع المحقة والمشروعة إلى المهندس باسم دوبا رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة اللاذقية فاستقبلها باهتمام وجدية قائلاً:

الغابة في محافظة اللاذقية وقائية

الغابة في محافظة اللاذقية هي غابة وقائية فدورها البيئي والوقائي أهم من الدور الإنتاجي بدرجة أساسية كما هي حال جميع الغابات في منطقة حوض المتوسط فالدور الوقائي هام لحماية التربة وحفظ التنوع الحيوي ضمن النظم البيئية الموجودة في المنطقة ولا يمنع من الإنتاج إن أمكن إلى جانب الدور الوقائي، وإنّ المنتجات الثانوية في الغابة المتوسطية أهم من المنتجات الخشبية، إذا أنّ المنتجات الثانوية كمنتجات النباتات العطرية والطبية هي موارد متجدّدة عكس المنتجات الخشبية والتي يفترض قطع أشجارها حوالى كل 80 عاماً إضافة إلى أنها تتطلب مساحات حراجية واسعة وليس لدينا تلك المساحات الحراجية الكبيرة والتي تبلغ نسبتها على مستوى سورية 2% وفي محافظة اللاذقية لا تزيد على 35% من مساحة المحافظة، فالاعتماد على الإنتاج الخشبي أقل أهمية واقتصادية عندنا وأكثر ضرراً بالبيئة لذلك ابتعدنا عن زراعة الأشجار المنتجة للخشب، وتوجهنا إلى المنتجات الثانوية الأكثر أهمية واستمرارية وأكثر توظيفاً ومن النباتات العطرية والطبية التي اعتمدناها (الغار, الزعتر, الخرنوب, الزيزفون), وغيرها الكثير ويجب دعم هذه النباتات في غاباتنا والتركيز عليها إضافة لدورها الهام في إنتاج العسل ومراعي النحل فهي تؤمن مراعي جيدة لها لذلك يجب التركيز على النباتات الرحيقية فهي أكثر ديمومة واستقراراً وتوازناً وتوظيفاً.

تشكيل لجان فنية مشتركة مع الجامعة

وتابع م. دوبا: بعد الحرائق التي حصلت في شهر تشرين وأدت إلى أضرار كبيرة في القطاع الزراعي والحراجي تم تشكيل لجان فنية مشتركة بيننا وبين جامعة تشرين وحالياً قيد الدراسة ولن نتسرع بإعطاء النتائج إلى حين انتهاء الدراسة وبشكل أساسي تقوم اللجان بدراسة الغابة قبل الحريق وبعده ودراسة حجم الضرر وتقديم مقترحات إعادة تأهيل الغابات لإعطاء غابة من النوع الجيد وقد يكون بالمقترح إدخال أنواع جديدة أو من النوع الأصلي لن نتسرع بالحكم حتى تنتهي اللجنة من مهامها وتقر مقترحاتها من قبل الوزارة.

60% من العمل

وأضاف: لدينا (4) مناطق حراجية في المحافظة وحتى الآن أنجزت اللجان الفنية الدارسة60% من العمل حيث تم الانتهاء من العمل في منطقة الحفة واللاذقية ويستمر العمل الحقلي والميداني في باقي مناطق القرداحة وجبلة.

 

 

ففي الحريق الأخير الذي طال حراج اللاذقية تضررت 7-8 % من مساحة الحراج وقبلها في أيلول أصاب الحريق منطقة صلنفة بالضرر ناحية السفح الشرقي (الغاب)  أما الغربي فالضرر محدود.

وأقول: أنا عضو في اللجنة ومع اللجنة ولدي أفكار أدافع عنها فأنا مع الحلول المنطقية بعيداً عن الظروف المثالية التي يتحدث بها بعض الناس وعن الظروف الإنتاجية  التي يتحدث بها آخرون.

وكمثال: المنادون بالحفاظ على البيئة (البيئيون) ينادون بالإبقاء على النبات الأصلي حصراً (كالصنوبر الثمري، والغار والخرنوب، لما له من أهمية بيئية مستوطنة لدينا وأنا مع هذا الاتجاه وأؤيده وأنا ضد زراعة البولوثيا والنباتات الدخيلة لعدة أسباب..

ومن أهم أسباب رفضي لإدخال النباتات والأشجار الدخيلة أنها نباتات غازية  تنتشر بسرعة ولا يمكن السيطرة عليه مثل نبات لسان الطير الذي تم إدخاله ولم يعد بالإمكان السيطرة عليه ومثال آخر نبات الأكاسيا المنتشر بشكل كبير وخرج عن السيطرة فهذه النباتات تؤدي إلى خلل بالنظم البيئية الموجودة لدينا على حساب النبات الأصلي المحلي ما أدى إلى تدهوره مع أنه لدينا غنى بالفلورا السورية وتنوع نباتي جيد  لكن كثيرة هي الأسباب التي أدت إلى تراجعها ومنها استنزاف الموارد الطبيعية عبر الزمن وزيادة الكثافة السكانية والتعدي على الحراج والضغط على مساحات الأراضي وقلة مخصصات المواطن من مساحة الأراضي الحراجية نتيجة زيادة الكثافة السكانية كلّ هذه الأسباب تفاقم وضع الأراضي الحراجية خاصة الميل لاستنزاف مواردها بشكل كبير والتي أصبحت أقل من الحاجات البشرية، وطاقتها أقل، نتيجة التعديات، فأصبحت النظم البيئية حساسة أكثر إضافة للحرائق فأصبحت النظم البيئية حساسة جداً ومهدّدة بالانقراض.

23 حملة تطوعية لزراعة الحراج

وأكد م. دوبا: لا يمكن لجهة عامة لوحدها أن تكون الرائدة في مجال عملها  وكمثال: هل يستطيع عمال النظافة الحفاظ على نظافة المدينة إن لم يكن هناك مواطن لديه ثقافة ووعي ويحافظ على مدينته.

ذات الشيء بالنسبة للغابات فنحن كطاقم حراجي لدينا خططنا لكن بالنهاية إن لم يكن هناك ثقافة عامة للحفاظ عليها وعدم التعدي عليها وعدم حرقها لا نستفيد مهما وضعنا من خطط فهذه الصعوبات تعترضنا وقبل زراعة الغابات لابد من زراعة ثقافة حماية الغابة وإلا فإن عملنا سيكون صعباً وأؤكد على أهمية دور الإعلام في نشر هذه الثقافة، فأنا أرى أن الـ 23 حملة تطوعية لزراعة الحراج ووجودهم كان هاماً جداً رغم محدودية عملهم قياساً بعملنا فهم شركاؤنا لنعمّر الغابات المحروقة وأهمية مشاركتهم الثقافية أهم من الإنتاجية وهذه هي الفكرة في جوهرها.

وعملنا يتشابك مع الجهات العامة المعنية بالغابات كل جهة بحسب اختصاصها إذ نتعاون مع فوج الإطفاء والدفاع المدني في مجال الحرائق ومع الأمن وقيادة الشرطة لقمع المخالفات وفي نشر ثقافة حماية الحراج والإرشاد نتعاون مع مديرية الثقافة ومع الإعلام ومع الجهات الإرشادية.

متفائل بالوضع الحراجي في المحافظة

تصدر نتائج دراسة اللجان خلال شهرين وتنفيذ مقترحاتها يتطلب سنوات لأن الهدم سهل والبناء صعب، وأنا متفائل بالوضع الحراجي في المحافظة لكن بتعاون الجميع فالمهم أن نبدأ بشكل صحيح وأن تكون مقترحات اللجان علمية ومنطقية وقابلة للتنفيذ وتوضع ضمن برنامج زمني منطقي وضمن الإمكانيات المتاحة والظروف البيئية المحلية وأصر على تحفظي لإدخال أنواع جديدة فلدينا أنواع محلية استثنائية بمزاياها كالصنوبر الثمري العالي القيمة وموجود لدينا منذ أكثر من 60عاماً وعمر غاباتنا أكثر من 150 سنة ولدينا الخرنوب الغذائي الذي يتميز بأزهاره الرحيقية وجذوره المحسنة للتربة وهو معمر ومقاوم للحرائق وأيضاً الغار، فزيت الغار غير متوفر ومطلوب عالمياً وأوراقه طبية ويستفاد من بذوره.

ويكفي أن أقول أن دول الخليج تدفع موازنات دول للحصول على حدائق ونحن لدينا حدائق وغابات طبيعية علينا أن نحافظ جميعنا عليها ونحميها وندعمها ونحسن استثمارها.

الحراج مؤسسة خدمية لا إنتاجية

وقال. م. دوبا: نحن مؤسسة خدمية لا إنتاجية لذلك فإن الجانب المالي ثانوي بالنسبة لنا إذ أنّ فوائد الغابة البيئية أهم وأثمن من أي فائدة مباشرة.

السكان المحليون يستفيدون بشكل غير منظم من الحراج ويقطفون النباتات العطرية ويبيعونها وهو ما يؤمن لهم دخلاً  إيجابياً لكن عليهم قطف النباتات وليس اقتلاعها لتعود للنمو من جديد ولا يقضون عليها فجوار الحراج يستفيدون ويجمعون النباتات الطبية والعطرية ويحسنون دخلهم، منهم جزء من المجتمع تؤمن الحراج موارد لهم لكن يجب أن يتمتعوا بالرقي والثقافي في التعامل معها والحفاظ عليها فنحن نرى منطقة القلمون وصخورها المتكشفة والتي كانت غابات ومهما نفذنا من مشاريع لن نستطيع استعادتها.

فنحن نراهن على نوعية المجتمع المحلي المجاور للغابة ونعتمد عليهم في العمل بفرق الإطفاء أو كعمال في المشاتل ونستهدفهم في الندوات الإرشادية في كافة القرى الحراجية لعدم استنزاف الموارد  الطبيعية واستثماراتها بشكل لا يؤثر سلباً عليها

وختم م. دوبا: تبلغ مساحة خطوط النار التي تحمي الغابات في المحافظة أكثر من 2000 كم ونعمل بشكل سنوي على ترميمها وتأهيلها وشق خطوط نار جديدة وتبلغ مساحة غابات محافظة اللاذقية 30% من مساحة الغابات في سورية وهي غابات حقيقية تحتوي على غطاء حراجي كثيف وقوي وتتميز بالتنوع والكثافة ونسبة الكتلة الحيوية الموجودة فيها وكمقارنة وحدة المساحة مثلاً للدونم الحراجي في جبل عبد العزيز بالحسكة لا يقارن مع الدونم في غابات الفرلق.

صباح قدسي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار