وضع معيشي صعب وواقع مادي أصعب… روايات على لسان أصحابها تروي معاناتهم في مواجهة واقع الغلاء

الوحدة : 12-11-2021

تكاليف الحياة اليومية باتت ترهق كاهل المواطن لدرجة أنه لم يعد قادراً على الإيفاء بأبسط متطلباتها بارتفاع الأسعار المستمر، فالراتب الذي ينتظره الموظف في آخر الشهر لا يسد الرمق فكيف بالمواطن الذي يعيش حياته كل يوم بيومه؟

 مفارقات عدة يعيشها المواطن ويجتر يومه اجتراراً ليقتات لقمة عيشه في ضنك وتعب وقهر وفي تقتير ما بعده تقتير.

 السيدة هيفاء أم غيث، ممرضة في مستشفى تشرين، متزوجة وزوجها في الاحتياط تقول: عن أي راتب تتحدثين؟ بالكاد يتم قبضه باليمين ليصرف باليسار، مضيفة: لولا الدعم والمساعدة من أهلي وأهل زوجي لانعرف ماذا يحل بنا.

 وتتابع: لدي ثلاث أولاد، بنت وصبيان، البنت في المدرسة تلزمها سيارة أجرة توصلها لمدرستها لبعد المدرسة عن مكان سكننا، وولد في الروضة التابعة للمستشفى وهذا ما خفف عني بعض الأعباء المادية، ولكن الولد الثاني وضعته في روضة خاصة لأني موظفة وما من أحد يجلس معه ولولا أن عمه هو من تبرع بتكاليف الروضة كان من الاستحالة أن أكون قادرة على تكاليف الروضة الخاصة، وبالتالي أنا مضطرة لكوني موظفة وزوجي بالاحتياط لأن أضع الأولاد بالروضة.

تستأنف حديثها: أنا واحدة من تلك النسوة المدبرات اللواتي من لا شيء تصنعن شيئاً، واقتصادية نوعاً ما، فعلى المثال لا أشتري أشيائي إلا من محلات الجملة وإذ كان هناك ما يمكن الاستغناء عنه فلا تردد وأسعى إلى عدم رمي الألبسة القديمة والتي باعتقادي دائماً يأتي وقت نحتاجها فمن بنطال قديم مع بعض الإضافات وعمليات القص واللصق يصبح بنطالاً جديداً ومن كنزة صوفية قديمة أعيد حياكتها لتبدو في حلة أبهى ولا نشتري ملابسنا إلا في مواسم التنزيلات ومع هذا كله يكاد لا يمر الشهر إلا بشق الأنفس..

أحمد الفندي، موظف في شركة نسيج اللاذقية ومع كل صباح يذهب فيه لدوامه يتجدد أمله بأن يبقى قادراً على تحمل الأعباء اليومية.

يعيش أحمد مع زوجته وأطفاله في بيت أهله بعد أن أصبح عاجزاً عن دفع آجار بيته بعد ارتفاع آجارات البيوت وارتفاع أسعار كل شيء، يقول: صحيح أنه موظف يتقاضى راتباً ولكن ماذا يكفي الراتب فلا يكاد يكفي دفع أقساط القروض العديدة التي عليه إضافة لتسديد الديون المتراكمة عليه للسمان والبقال والصيدلية مما اضطره للعمل في مجالات عدة حسبما يتوفر خارج أوقات الدوام وآخرها كان في جني محصول البطاطا عند السيد حسين فضة الداعم للعامل لديه والذي يهيئ لهم مردوداً مادياً جيداً، يساعده بالقيام بأعباء أسرته ويكمل لا ينتهي الشهر إلا وتتراكم الديون من أول وجديد.

عدنان معلا يؤكد أن الوظيفة وحدها لا تكفي وخصوصاً في زمن الأزمات والحرب وارتفاع الأسعار مشيراً إلى أن الراتب لا يكفي لكنه يقي العوز والحاجة وذل السؤال ويتابع: أعمل في دوامي صباحاً وبعد الظهر أعمل في مطعم لأعيل نفسي وعائلتي.

هذا هو حال الموظف أما غير الموظف فما حاله، هناك السيدتان أم عبادة وأم عبد الله سيدتان من الحراجية وهن من النساء غير الموظفات ويعملن في موسم الحمضيات وتذكر أم عبادة وهي أم لثلاثة أطفال أنها في كل موسم الحمضيات تعمل بتصنيف الحمضيات عند السيد زين وتحصل رزقها لتساعد زوجها في  تربية أولادها في ظروف تكاليف الحياة المرهقة وتقول الحياة صعبة جدا والأسعار كل يوم في ارتفاع ولا نعرف (كيف بدنا ندبر أمورنا) وتضيف أنها تتقاضى مبلغ ٤٠٠٠ ليرة سورية يوميا لافتة إلى أنها مرتاحة في عملها نفسياً وجسدياً والله ساترها وتتابع: عندما ينتهي موسم الحمضيات لدينا قطعة أرض صغيرة نعتاش منها وفي نفس السياق تتابع زميلتها أم عبدالله وهي تكنى بأم عبد الله وما من أولاد لديها ولكنها تقوم على تربية أولاد أختها وتتحمل أعباء العمل والوقوف طيلة النهار لأجل تأمين حياة جيدة لهم وتضيف: أهم شيء أن تكون النفسية مرتاحة في مكان العمل وهذا يتحقق بالعمل لدى السيد زين الذي نعمل عنده وأيضاً هي مثل أم عبادة تملك قطعة أرض صغيرة تزرعها ببعض أنواع الخضروات وما يزيد عن حاجتها تبيعه وتؤمن بعض المصاريف.

أ. ن، رجل يعمل في بسطة أعشاب يأخذ مكانه بين أمثاله من الرجال والنساء في سوق الخضار، يجلس أمام بسطته الصغيرة والتي تتألف من بعض الحشائش والأعشاب والتي يكون قد اشتراها من إحدى النساء ليجلس كل النهار ويبيع بعضاً من باقات الجرجير أو (قرص عنة) وما إلى ذلك بسعر الباقة ١٠٠ليرة سورية وعندما تم سؤاله إذا ما كان المبيع جيداً ومربحاً، تنهد وقال( شو بدنا نعمل بدنا نعيش وندبر أمورنا ما في حل تاني، أنا لست موظفاً، وما في شغل ومطالب الأسرة صعبة ومكلفة جداً، وتوقف عند هذا الحد قائلاً:  الله بيعين).

في داخل البيوت كثير من القصص والحكايات ولكل قصته وظروفه ومقولة البيوت أسرار تخفي خلفها  كثيراً وليس كل باب يطرق يكون قادرا ًعلى البوح بضيقه ووجعه…

نجود سقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار