تأهيل المواقع المحروقة في أراضٍ ذهب.. ما أسباب الحرائق في غاباتنا؟

الوحدة : 3-1-2021

 وهل للأرض المحروقة أن تستقبل أشجاراً جديدة هذا العام, أم نتأنى لتتجدد بنفسها أيهما أفضل وأثمر؟ وما خطة الإدارة الحراجية لتأهيلها ؟ وهل من سيناريوهات للتنبؤ بمدى نجاح إعادة التأهيل بعد سنوات ؟ وما حجم الخسائر التي تكبدتها محمية الأرز والشوح؟ والأعمال المقترحة لتلافي الأضرار فيها ؟ مجموعة من الأسئلة والاستفسارات شكلت بوابة دخول على غاباتنا المحروقة ومواقع تأهيلها في محاكاة من نقطة الاشتعال قدمها أساتذة من قسم الحراج في جامعة تشرين في ندوة حوارية أقامها فريق بناء مهارات الحياة في دار الأسد للثقافة وهم: الأستاذة ربيعة زينة، تحدثت في محور دراستها عن أهمية الغابات وبدأت بالتعريف بها فقالت: تعد الغابات نظاماً بيئياً متوازناً معقداً لما تحتويه من كائنات حية متنوعة ومتفاعلة فيما بينها من جهة وبينها وبين العوامل البيئية الأخرى من جهة أخرى, وهي ثروة قومية مهمة نظراً لما تحتويه من مدخرات وراثية كما أهميتها في كثرة تنوعها، وتعدد علاقاتها وتشابكها أكثر استقراراً وتوازناً وحفاظاً على سلاسلها الغذائية الطبيعية، وأشارت إلى أهمية الغابات كنظام بيئي ورغم كل ما سجل في المراجع والدراسات تختصر على أنها  مصانع طبيعية ضخمة، وتأثيرها واضح على المناخ, تكوين الترب, مصفاة للغبار والدخان فكما يقال إن الحديقة هي رئة المدينة, مكافحة للضجيج, مصدر للأخشاب, منافع متعددة سياحة زينة وتجميلية وحاجات نفسية واجتماعية, منتجات ثانوية وسلع مفيدة نحصل عليها دون قطع وتحدثت مطولاً عن مساحة الغابات في سورية والحراج والمساحات المشجرة والحياة فيها وأهميتها الاقتصادية والاجتماعية و غيرها الكثير لتختتم بقولها: رغم كل الخسائر فإن الخوف يأتي من انزياح التربة وانجرافها بعد أن تعرت واحترقت الغابات وهو ما قد يؤدي لطمر وردم البيوت القريبة منها بسبب أمطار الشتاء القوية والسيول, فما يعرف عن غاباتنا بأنها تتشكل في سفوح وعلى الجبال وليست سهلية.

الأستاذة لما إحسان تناولت في محور حديثها التنبؤ المسبق بالحريق والمحاكاة لوضع السيناريوهات فقالت بداية: الغابة نموذج للأنظمة البيئية المتطورة ومصدر لكثير من الحاجات الضرورية منه الأخشاب حيث يستهلك العالم 2،4 مليار طن أخشاب وتتعرض للقطع العشوائي والحرائق والرعي الجائر… وتدهور وتخريب هذا النظام البيئي.

تعرضت غاباتنا للكثير من الحرائق ومن هنا برزت أهمية المحاكاة لوضع سيناريوهات للتنبؤ المسبق بالحريق وانتشاره وضرورة وضع الخطط, حيث أن انتشار النار واختراقها لمناظر طبيعية هو عملية ديناميكية معقدة للغاية تتأثر بالطقس والطبوغرافيا والوقود و.. والتنبؤ يتم باستخدام محاكاة الحرائق لفهم سلوك النار والتنبؤ به دون التعرض للحرق وتهدف المحاكاة إلى تمثيل الظاهرة وفهم سلوكها الزمني والمكاني وتساعد في تقدير المخاطر والأضرار الاقتصادية وأخذ النتائج السليمة, إذ إنه بمجرد اكتشاف حريق وانطلاقاً من نقطة الاشتعال تحدد المساحة المتوقع احتراقها وتحدد جهة تقدم الحريق والمواقع النشطة والخطورة العالية للحريق وتجنب وصل النار وتحديد مواقع فتح خطوط النار والجهة المثلى للتدخل ودخول رجال الحرائق والإطفاء، وأشارت بأن إعادة تأهيل المناطق المتضررة بعد الحريق يمكن تشبيهه بإدارة الموقع المتضرر ويعد تجديد الغابة اصطناعياً أو طبيعياً في مقدمة أهداف الإدارة الحراجية لكنها تفضل وتشجع التجدد الطبيعي وقالت: لدى الإدارة أسئلة (هل المنطقة معرضة للحرائق المتكررة, متى كان آخر حريق, الغطاء النباتي الذي كان متواجداً فيها, استجابة النظام البيئي, الحياة البرية وموائلها, الطرق والمناطق السكنية القريبة من الغابة، المجاري المائية) لتدخل بعدها سيناريوهات التنبؤ بمدى نجاح إعادة التأهيل بعد سنوات، ومن خلال النتائج تتكون فكرة مهمة حول نوع الأشجار والتباعد وخطوط النار وكيفية إخماد وحسر الحريق في حال تعرض موقع ما للحريق ووضع خطة إدارة إعادة تأهيل الموقع المتضرر, والدور الحاسم لاختيار خطة الإدارة.

الأستاذ يقظان معروف جاب بنا برحلة على محمية الأرز والشوح وتحدث مطولاً عن موقع المحمية وجهاتها ومناخها والشكل النموذج لكل منها وما أثبتته الوثائق التاريخية في بلاد الرافدين والشام لاستخدام أخشابها من قبل الملك سرجون الأول الأكادي والملك البابلي نبوخذ نصر الثاني واستمرت خلال فترات حكم الرومان والبيزنطيين والعثمانيين والعرب، ولدينا بالإضافة للأرز والشوح والصنوبر مجموعة من النباتات الحولية والأزهار المميزة زهرة (الربيع, البنفسج, التوليب الجبلي, الفاوانيا المرجانية) وبأعالي الجبال نبات جميل ونادر هو الستربينيرجيا وزهرة الثلج وأزهار الفصيلة الحوذانية والسحلبيات وأضاف عن أهداف محمية الأرز والشوح في حماية الأنواع الحية المميزة للمحمية واستغلالها لأغراض البحث العلمي والسياحة، وتناول في مجرى حديثه عن أسباب حرائق الغابات الطبيعية والبشرية ليخلص بأن سبب حريق المحمية بشري وغير مقصود بسبب إهمال أحد المصطافين ودون رقابة خرجت النار عن سيطرته ليمتد الحريق نحو السفح الشرقي للمحمية واتجه على السفح الشرقي جنوب غابة الأرز وأدى لاحتراق معظم مساحة السفح باستثناء نواة غابة الأرز في الجزء الشمالي وكانت نتائجه كارثية, حيث شكل خطراً حقيقياً على المحمية ووجود الأنواع الرئيسية فيها (أشجار الأرز والشوح المعمرة لمئات السنين) مما يعني خسارة لا تقدر ولا يمكن تعويضها.

إن خسارة السفح الشرقي بشكل كامل تقريباً سبّب ضغوطاً بيئية منها: تجمع الحيوانات والطيور في بقعة معينة يجعلها عرضة للصيد والمنافسة، وبشرية بتوجه السكان المحليين نحو غابة الأرز والشوح الناجيتين، وفي نهاية المطاف تحدث عن مقترحات لخطة إعادة تأهيل المحمية ومنها: حصر المساحة المحروقة والأنواع المحترقة لتقدير حجم الخسارة النوعية والكمية للأنواع باستخدام الصور الجوية والفضائية والمسوح الحقلية، وتحديد شدة الحريق والتدخل بعمليات تقليم الأشجار غير المحترقة لمساعدتها في النمو من جديد وقد صادفنا ثلاثة أنواع من الحريق (تحت الأرض, السطحي, التاجي وهو الأخطر (تحديد المواقع المعرضة لخطر الانجراف وتقدير الخسائر الناتجة عنه والتدخل بأعمال حراجية هندسية للحد من انجراف التربة بالجذوع والحجارة بعمليات تشجير بغرض تثبيت التربة متابعة ومساعدة عملية التجدد الطبيعي تستغرق هذه العملية حوالي سنتين والقيام بالعمليات اللازمة لذلك مثل (تفريد, تقليل منافسة الأنواع, تصحين البادرات)، القيام بالتشجير الصناعي في حال فشل التجدد الطبيعي ويجب مراعاة تجنب تجريف الأرض بشكل كبير وزراعة أنواع مفيدة ومقاومة للحرائق بشرط أن تكون من نفس البيئة.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار