تقلص حضور اللحمة ويتصدر ذو الجناحين على مائدة السوري ليلة رأس السنة

الوحدة : 31-12-2020

في ظل الأحوال المادية السيئة للجميع دون استثناء، وبعد الجولة على محلات اللحمة والفروج والسمك والفواكه والموالح التي كانت تعمر بها موائدنا في هذه المناسبة، وبعد تمتعنا بمناظرها كغيرنا دون القدرة على تسوق معظمها صار لزاماً علينا أن نكتب حول ماذا سيحضر على مائدة السوري في هذه الليلة.

كل الأسر تحرص على أن تحضر المأكولات والمشروبات وجميع أطايب الطعام هذا اليوم كتقليد عام ،لكن الحالة المادية السيئة التي يعاني منها المواطن السوري حالياً لم تمرّ عليه منذ عشرات السنين.. هذه العبارة ذكرها كل من توقفنا عنده.

البداية من عند اللحام (خروف) وصاحب مطعم أبو حسن بجبلة، شارع الملعب حيث قال: في مثل هذه الأيام القريبة لرأس السنة كانت الناس تسجل وتوصي (عالدور) من قبل أسبوع، كانت مبيعاتي تقارب 15 ذبيحة بينما هذه السنة كما ترون المكان خالٍ والحركة شبه معدومة ولم تتجاوز المبيعات ثلاث ذبائح لأن سعر الكيلو صار 17 ألف ليرة،  الناس لا تملك ثمن اللحمة وقد استبدلتها بالفروج وأصناف ثانية، حتى كمية الشراء اختلفت، فمن الكيلو إلى الأوقية أو ربع الكيلو، وإن وجد من يشتري اللحمة بالكيلو فهم قلائل جداً وهم فئة معينة.

أما صاحب ملحمة الحسون بالجبيبات (لحام عجل) فقال: حركة شراء اللحمة قليلة جدا ثمن الكيلو حالياً 15 ألف ليرة السنة الماضية كان 6 آلاف ليرة وكان حينها البيع جيداً أيضاً، الربح كان جيداً 800 ليرة للكغ، هذا العام نتيجة قلة الشراء وسوء الكهرباء نقع تحت الخسارة (بصراحة لم تمر علي هذه الحالة طيلة عملي بهذه المصلحة) لقد بعت البراد لأسدد ديوني.

لحام عجل آخر قال: في مثل هذين اليومين قبل رأس السنة لم يكن بمقدوركم دخول المحل من الزحمة والطلبات كانت التواصي تبدأ قبل أسبوع، بينما هذا العام كما ترون المحل فاضٍ كما وأشترك مع لحام آخر في الحميميم بذبيحة واحدة وكما ترون لا أحد يدخل ولا يخرج (الله يعين العالم).

وعندما يئسنا وتيقنا من أن استهلاك اللحمة صار فوق طاقة الأكثرية، بل وحصرياً بفئة قليلة جداً ومعينة وحتى معروفة، اتجهنا إلى محلات السمك ظناً منا أن المواطن استبدل اللحمة بالسمك فكانت الصدمة إذ أنه وحسب السيد محي الدين في مسمكة الإمام في جبلة وهي أشهر وأكبر مسمكة فقال: أغلى كغ سمك 30000 ألف ليرة وأرخص كغ هو البلميدا وسعره 4800 وما فوق، والقجاج البلدي والمرمور بين 15 و18 ألف ليرة وحركة الشراء قليلة جداً ولا تشكل 5% من حركة الشراء العام الماضي في مثل هذه الأيام، يمر الزبون يسأل عن السعر ويمشي، الناس لم تعد قادرة على شراء السمك للأسف.

إلى الآن سقطت مادتان لذيذتان ومرغوبتان في هذا اليوم عن مائدة المواطن، بقي الفروج باعتباره الأرخص والذي سيفرد جناحيه ويتمدد بأطباقنا وعلى مناقل الفحم والحطب، وكانت الوجهة محلات الفروج التي لم تكن أجوبة أصحابها بعيدة كثيراً عن أجوبة  اللحامين، فمحل فروج زيود في الكراجات قال: بالطبع تراجع الشراء بشكل عام على مر الأيام، وهذان اليومان تحسنت قليلاً وإن كانت لا تقارن بمثلها في السنوات الماضية، فالذي كان يشتري 3 أو 4 كغ فخاذ أو 2أو 3 فراريج انخفضت الكمية إلى أقل من النصف، صحيح أن الناس ستشتري لرأس السنة وتأكل ولو بالدين ولكن ليس كالسابق، للأسف صارت الناس تشتري بالفخذ.

فروج زيود بالجبيبات، قال صاحب المحل: في السنوات السابقة كانت الناس تحجز قبل أسبوع، حالياً الشراء قليل جداً (الله يعين الناس عم تشتري بالقطعة وبالدين).

في محل ساري للفواكه الجبيبات قال: يأتي الزبون يمسك بقطعة الفواكه ومتى سمع السعر تركها، تقتصر مبيعاتي على الخس والبقدونس لرأس السنة والبرتقال وإذا ما اشتروا الفواكه الأخرى فبكميات قليلة جداً.

أما محل موالح الجبيبات فقال صاحب المحل: لم تتأثر المبيعات كثيراً، الناس تشتري الموالح لكن بكميات أقل أما موالح الصعيدي فلم نتمكن من الدخول إلى المحل من الازدحام وهذا يدلل على أن الموالح حضرت بقوة رغم ارتفاع أسعارها الجنوني.

وحول معرفة آراء المواطنين حول المشتريات والتحضير لسهرة رأس السنة حاولنا الهروب من سماع التأوه وأنين العوز والحاجة وكان المحيط القريب كفيلاً بإيصال الصورة والجواب الشافيين.

أم أحمد قالت: اشتريت سودة وفروجاً للمشاوي وتبولة وكمية موالح معقولة..

سرار قالت: لم نستطع شراء السمك البحري فاستعضنا عنه بالنهري.

السيدة جمانة قالت: كنت أضع في طبخة اليبرق ليلة رأس السنة  العصاعيص وكيلو من اللحمة الهبرة… كنت.. حالياً اشتريت أوقيتي لحمة فقط.

سهام قالت: كنت أشوي كيلو لحمة وفروجين وأعمل كبة ونأكل على مدى يومين، حالياً لا أستطيع، فقط اشتريت فخاذ فروج للشوي مع تبولة وتوابعها.

في الختام قد يقول قائل: ولماذا هذا الإصرار على زيادة الشراء والصرف في هذا اليوم تحديداً، هو يوم ككل الأيام  ليأتي الجواب إنه تقليد والناس حتى وإن لم تكن سعيدة أقله إسعاد الأطفال والأبناء وعدم الخروج عن المألوف.

ويقول قائل: ولكن عندما تتقلص الساعات القليلة من نهاية العام تنتشر روائح الشواء والطعام من المنازل من كل حدب وصوب فيأتي الجواب: لو استدنا المال سنعيش هذه الليلة كما تعودنا.

أما المفارقة الكبرى والتساؤل الأهم  والتي نحتاج نحن وكثيرون لجواب مقنع حولهما هو أنه ما أن  تبدأ الساعات الأولى لليل لتبدأ حرب المفرقعات بكل أنواعها الصواريخ والقنابل،  والكثير الكثير مما لا نحفظ أسماءها، إضافة لإطلاق النار الحي في الهواء بشكل هستيري، إذا كنتم – وهذه للبعض بالتأكيد – لا تستطيعون شراء الطعام الذي تحبون كما تقولون لماذا تحرمون أنفسكم وأولادكم ليشتروا المفرقعات والقنابل التي لا تفيد شيئاً بل بالعكس تزعج الناس وترعبها؟ وهذا سؤال مشروع-طبعاً هذا الشيء الوحيد الذي نأمل ونتمنى أن يغيب ليلة رأس السنة- من أين لكم هذا؟ من أنتم؟

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار