أخي المواطن.. من أين لك هذا ؟ (2)

الوحدة 30-12-2020

 

نكاد نصدّق أنفسنا أننا على ما يرام , وأن (النّق) من متاعب الحياة ما هو إلا عادة سلبية ألفناها, ولم يعد بإمكاننا التخلّي عنها..

 تمضي أيامنا تباعاً ونحن على قيد الحياة, بل أصبحنا شركاء في الجنون الذي يحاصرنا..

 زرعت أصابعها بين خصلات شعرها الذي قصّته للتوّ, وقالت: أليس جميلاً؟

 واو.. قالت لها (سلفتها) وتابعت: كم كلّفكِ؟

 ردّت الأولى المختالة بـ (قصّة شعرها): 20 ألف ليرة سورية فقط..

واو.. قالتها (سلفتها) مرة ثانية سائلة بقصد التأكيد: ( بس)!

إذا كنا نرى في الـ 20 ألفاً (واو) فمن الطبيعي أن تكون أحوالنا المادية جيدة..

 للتفريق: الواو التي تقولها الأنثى دلالة على الدهشة والإعجاب أما (واو) الرجال فهي اختصار للوجع ولا شيء غير ذلك, لأن الرجل حيت يقولها يعني أن ثلث راتبه طار على شعره زوجته!

 

 نتحدث هنا عن أسعار محلات الحلاقة شبه الشعبية, وليس عن الصالونات (المرموقة)..

 ماذا يفعل روجك يا سيدتي؟

 أجابت: موظف!؟

 ومن أين له هذا؟

 قالت, وقد عادت إلى بعض خجلها من نفسها, يعمل بـ (الفاعل) بعد الظهر وفي أيام العطل!

 التدبير اختصاص المرأة, ولكن ليست تلك تصرف نصف راتب زوجها على قصّ شعرها أو تغيير لونه إلى آخر القائمة التي لا أعرف منها أو عنها إلا بعض المفردات التي  تطرق سمعي تبريراً للمبلغ الذي أخذه (الجزّار) عفواً (الحلاق)!

السيدة أم محمد, معلمة مدرسة وزوجها مزارع وجدت لنفسها (مشروعاً صغيراً) لا يعّطلها عن أي شيء.. طلبت من زوجها أن يسوّر لها نحو (100) متر مربع بسياج معدني, وأطلقت في حظيرتها المحدثة ( 25) دجاجة بيّاضة, لم يقتصر إنتاجها على الاكتفاء والذاتي, بل أنها تبيع ما يزيد عن حاجتها, وبمردوده تؤمن المنظفات وسائل الجلي والكلور.. إلخ.

 لم يقبل الشاب الجامعي (حسن) أن يكون عالة على أهله, فاليد العاملة مطلوبة, فشكّل هو وبعض زملائه ما يشبه الفريق الجاهز للعمل في الزراعات المحمية من تركيب النايلون إلى تثبيت الزهر إلى جني المحصول, إلى(العتالة) إن لزم الأمر, وكل ساعة عمل بـ (500) ليرة, وقد يعود بآخر نهاره المبارك بأكثر من ثلاثة آلاف ليرة يضعها فوق مصروف البيت, وربك كريم!

 من الساعة الثالثة فجراً وحتى السابعة والنصف صباحاً, تعمل (أم بيهس) في فرن خاص, ( تسّطف الخبز) وتضعه بأكياس النايلون قبل أن يأتي المعتمدون ليستلموا مخصصاتهم, ومن الفرن إلى وظيفتها القريبة من الفرن.

 تنام باكراً, تقاوم الشعب والإرهاق, تطبخ مساء, المهم ألا ينقص أولادها أي شيء كما تقول…

جهزّت (3) فراريج, واشتريت (الكولا) ومستلزمات (التبّولة), علي ومحمد اللذان يؤديان خدمة العلم في جل سيأتيان, وسيحضران ليلة رأس السنة معنا, (سأشوي) لهم والله (بيد برها)!

 دلال ليست الوحيدة التي تربّي (بقرة) لكنها تتحايل على إنتاجها من الحليب فهي تبيعه مصنعاً (قريشة, شنكليش, سمن, جبن, لبنة) فهذا التصنيع البسيط يزيد هامش الربح, كما أنها تسرح بـ (البقرة ) طيلة النهار ما يقلل من تكلفة الإنتاج ويزيد من هامش الربح…

 باختصار، نحن السوريين, علاقتنا مع الحياة جميلة لأننا نعرف قيمتها ولأننا مقتنعون أن السعادة ليست أرصدة في البنوك, وقد تحضر مع كأس شاي و(شوية دوام على صوبية الحطب)…

ميسم زيزفون

تصفح المزيد..
آخر الأخبار