سعادة ما بعد الطلاق… الحب الجديد قد لا يتأخر كثيراً

الوحدة 24-12-2020

 

على غير عادتها دخلت البيت كمن يتحرك بالتصوير البطيء وهي المعروفة بتعجلها وبخطواتها السريعة الواسعة بالكاد ردت التحية على الجالسين ودلفت إلى غرفتها لتدير جهاز التسجيل كان صوت عبد الحليم حافظ وكلمات أغنيته كافية ليفهم الجميع خارج لغرفة أن سميرة الآن غير سميرة الأمس إنها غارقة في حب جديد (تاني.. تاني.. حنروح للحب) وها هي بالفعل تذهب إلى الحب مجدداً هي التي كانت تقسم بأغلظ الإيمان أنها لن تمنح قلبها لرجل بعد تلك التجربة القاسية التي عاشتها وبعد أن ناضلت لتحصل على الطلاق من الرجل الذي أذاقها الأمرين على مدى سبع سنين عجاف.

تاني.. تاني، ظل الصوت يصدح من داخل الغرفة وكانت الأغنية نفسها تتكرر وعندما طرق أحدهم الباب لم ترد وعندما دخلوا الغرفة وجدوها مستغرقة في تأملات عميقة وكأنها حاضرة وغير حاضرة معاً، إنه الحب عندما يهطل على القلب بقوة الشهب.

دع عنك مقولات الجدب والتمنع وتأثير التجارب السابقة فلو صحت تلك المقولات لكانت سميرة واحدة من العزاب الأبديين ولكنها الآن تستعجل تلك اللحظة التي تزف فيها الرجل الجديد في حياتها إن العودة إلى الحب بعد زواج فاشل هي أقرب من تصورات الكثيرين والمسافة الفاصلة بينها وبين قرارات المرء عندما يكون في خضم تجربة الطلاق السيئة هي كالمسافة بين الأرض والقمر ويذهب بعض الناس ومنهم سميرة إلى القول: إن الحبّ بعد الطلاق هو عودة إلى التنفس الطبيعي بعد طول اختناق.

إن إعلان المرأة عن فقدان إيمانها بالرجال هو نتيجة طبيعية لأي تجربة طلاق ويمكن القول: إن غالبية النساء بعد الطلاق يقدمن مثل ذلك الإعلان بلا تردد وبعضهن يضيفن إلى ذلك الإعلان أشياء أخرى من قبيل فقدان الأمل والإحساس بطعم الحياة وأخريات قد لا يرين من الحياة إلا السواد الذي قد يدفعهن إلى الانتحار.

غير أن الغالبية العظمى من التجارب تشير إلى أن المرأة سرعان ما تبدأ في رؤية المحيط من حولها بعين جديدة .وغالباً ما تبدأ مرحلة جديدة بعد مضي ثلاثة أشهر من انهيار التجربة السابقة في المقام الأول تبدأ المرأة في تغيير مواقفها من المرات التي كانت تتعامل معها بحذر وتظهر عليها معالم الانطلاق والتحرر من  الماضي فتجدها تعزز علاقاتها مع صديقات الأمس وتشجعهن على التواصل وتبحث لنفسها عن مواقع جديدة لتأكيد حضورها فقد  تعود للدراسة أو تبحث عن عمل أو تسعى بطريقة ما لإعادة اكتشاف الذات وتحديد القدرات والمهارات أملاً في ارتياد أفق جديد.

 في المرحلة التالية تكون المرأة مستعدة للتعامل بانفتاح مع أي عرض زواج وهي جاهزة لتقييمه عقلانياً إلا أن ما يحدث مع الكثير من النساء هو أن التقييم العقلي يمرّ سريعاً وسرعان ما يقول القلب كلمته فيحسم الأمر، والوصول إلى هذه المرحلة هو الدليل النهائي على أن المرأة شفيت من عقد الماضي وفي بعض الحالات عندما تكون المطلقة في وضع مستفحل من التأزم ويستلزم مراجعة أخصائي نفسي فإن ذلك الأخصائي نفسه ينصحها بالتفكير بالزواج مجدداً وعندما ينتزع منها مجرد الاستعداد لخوص التجربة من جديد فإنه يكون قد وضعها على سكة العافية النفسية ما يلفت النظر في هذا السياق أن الخبراء ينصحون المطلقة بالتفكير بسرعة في العودة إلى الارتباط العاطفي والزواج وأنه كلما تأخرت المرأة في الارتباط العاطفي بعد الطلاق فإن الأمر سيزداد صعوبة بالنسبة إليها.

 وينصح أن تجبر المرأة نفسها على التخلص من عقدة الماضي وذلك بالخروج من البيت حتى لو لم يكن هنالك هدف من الخروج كل ما في الأمر أن الحركة ومغادرة المكان المعتاد ومشاهدة مناظر متحركة وغير معتادة سينعكس على الجو النفسي وسيخلصك بسرعة من الكآبة التي قد تستحكم وتسيطر عليك.

 اخرجي إلى الشارع هكذا بلا هدف كوني على ثقة بأن الآخرين لا يرون فيك ما ترينه في نفسك إنهم لا يرون فيك امرأة فاشلة عاطفياً وخاسرة ومطلقة ليس هناك ملامح خاصة لمثل هذه المرأة مما يستطيع الناس مشاهدته عن بعد.

 اخرجي إلى الناس واستمعي إلى قصصهم وستكتشفين أنك لست الوحيدة التي مرت بتجربة قاسية بل قد تتوصلين إلى أنك أقل تعاسة من كثير من البشر لا تطردي إلى هاجس أو خيال قد يراودك تأملي فيه جيداً وادرسي احتمالاته ولكن لا تدعيه يثبط من همتك، ويحد من انطلاقك نحو المستقبل والحياة.

وفي مقابل هذا الانفتاح يتوجب الحذر من أي عروض عاطفية عابرة .فمن المعروف أن المطلقات عرضة للاستغلال من قبل رجال انتهازيين يدركون المأساة النفسية التي تحيط بالمرأة ويصنعون لها أملاً وهمياً من أجل مآرب وضيعة.

ولحسن الحظ أن تجاربك في الحياة تكفي وتزيد لمساعدتك على اكتشاف حقيقة هؤلاء الرجال واستكشاف نواياهم وبطبيعة الحال فإن المحك الأساسي يكمن في الهدف المعلن لمن يعرض العواطف السخية هل هو مستعد لفكرة الزواج؟

اجعلي من هذه الأسئلة امتحاناً لذلك الرجل ولا تترددي في اتخاذ القرار النهائي بناء على النتيجة لديك من التجارب المرة الكثير.

أنت في غنى عن تجربة أخرى سيئة أو ربما تكون أسوأ في سابقتها أن كونك مطلقة لا يعني إنك امرأة ضعيفة على العكس من ذلك تماماً وكما يقول المثل الصيني ما لا يكسرني يزيدني قوة وها أنت قد وقفت على قدميك من جديد ولم يعد يهزك أن يقال (مطلقة) ليست صورة المطلقة اليوم كصورتها أيام زمان على أي حال المطلقة اليوم امرأة بلا دفعة خاصة وبإمكانها الاندماج في المجتمع وعندما يسألونها عن حالتها الاجتماعية ستقول بلا تردد مطلقة .

إن السعادة تكتمل بوجود رجل يشاطرك الحياة لكن عدم وجود ذلك الرجل لا يعني الموت وإلا لشاهدنا نوبات انتحار جماعي لنساء يشكلن نسباً عالية من المطلقات هناك حياة ممكنة وسعادة ممكنة وزواج آخر ممكن على الرغم من الجراح ولكن الوصول إلى ذلك يستلزم عزيمة عالية إنك بحاجة إلى إجبار ذاتك على ركوب قطار الحياة المتحرك من جديد

الرجال ليسوا كلهم أشراراً ومثلما هناك رجال سيئون .ثمة من حولك رجال

يحترمون الحياة الزوجية ويقدرون المرأة.

لديك الفرصة لاستحضار كل أسباب السعادة وأن تمنحي نفسك المكانة التي تستحق ضعيها في رأس سلم الأولويات وامنحيها الاهتمام اللائق في ظل هذه المعطيات سيأتي الرجل الذي سيخرجك من كبوة الماضي.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار