العـــدد 9304
الإثنـــــــين 4 آذار 2019
أوراق الرمــــــــــــــــــاد عنوان كتاب صادرٍ عن اتحاد الكتّاب العرب يضمّ نصوصاً للشاعر البارز محمد عمران ابن قرية الملاّجة في ريف طرطوس، وهذه الكتابات التقت على الورق وتعارفت، وإذا هي من سلالة واحدة، السلالة التي توارثت عباءة الأدب.
ويقول صاحب أوراق الرماد عن كتابه مثلما ينتمي الماء والحجر، والعشب، والزرع، والشجر، والشوك، جميعاً إلى قبيلة واحدة هي الطبيعة وليست بالخاطرة غير أنها تحمل بعضاً من وجه الشعر، ووجه القصة، ووجه الخاطرة.
يبدأ الشاعر كتابه بنص (سهرة في الملاّجة)، وهي قريته التي يحبها أشدّ الحب (هذه هي الملاّجة) وشاح أسود ينتشر على البيوت والهضاب، الشجر والوديان، وعلى الناس.
تحت غابة السنديان أضيئت القناديل، ابتدأ السهر الصيفي الجميل، مرح ورشاقة وسمر حلو هكذا تبتدئ سهراتنا دائماً في الملاّجة ثم لا أحد يعرف كيف تنتهي؟
وفي المقطع الأخير يقول الشاعر (يبتدئ السهر جميلاً، وينتهي خائباً وتقول (الملاّجة) ماذا حدث لكم أبنائي؟ ونسأل أنفسنا. حقاً ما الذي جرى لنا؟ المرارة في الكلمات، المرارة في الحنجرة التي تغنّي وفي الهواء، وفي الدم.
إنها إحدى أوراق الشاعر وإنه طعم الرماد.
وفي نص ذاكرة البؤس، تتجلّى الضيعة في ذاكرته بالطفولة وتقترن الطفولة بالجوع والخوف، وفي العاصمة حيث عمل في الصحافة، برد وندف وثلج وريح، في البيت الشامي الجميل تعانق يداه المدفأة، يحسّ دفئاً وسلاماً رائعين، تتفتّح أغصان ذاكرة الشاعر، لكن زهر الكآبة ينعقد، ولا يرغب قبل وداع صديقته أن يقول لها إنه يمتلك ذاكرة بؤس لا تخونه رغم أنها خانت الكثيرين.
أما نصّ (دالية ذات عناقيد من دم) فعنوانه يوحي بالاقتتال والتمزّق والانفجار، ومضمون نصّ (مرحبا أيها النسيان) تلخّصه عبارة (لا جدوى من المكابرة، يوم اخترتم النسيان، متّم، يوم نسي بعضكم بعضاً متّم يوم صار خلاصكم الشخصي خلاصكم متّم.
في نص (المطر في طرطوس) يختم كلامه (الطريق مطر وعاصفة لقد تراكم الموت على الحب الذي كان الطريق.
وفي نص (الظل) تكون البداية (من الملاّجة إلى طرطوس وإلى آخر شرايين الأرض، الظلّ يسقط على المدن، والوجوه والدم، ويسقط من الشعر والنوم والأغنيات).
ويُنهي الشاعر النص بالسواد (من الملاّجة فما يعود يرى).
كتاب أوراق الرماد يحتضن نصوصاً ترسم المرارة والبؤس والفجيعة والحزن، وهناك قطرات من الحب والرجاء، فقد اكتشف محمد عمران أن الحب ليس مغارة بل جسر يمتد إلى البشر.
عزيز نصّار