لغتنــــا حــــــــوَّاؤنا!

العدد: 9304

4-3-2019

كلّ آذار في كلّ عامٍ تحتفي مراكزُ الوطنِ الثقافيّة بلغتِها وإنسانِها المبدعَيْن وبشكلٍ حضاريٍّ مهيب. . وذلك عبر إحياء وتمكين لغة التّراث والحضارة، فتغتنم أيّ دعوةٍ أو مشاركةٍ من أيّ جهةٍ وطنيّةٍ أو قوميّةٍ، ليصبح يومُ الاحتفاء باللغة العربيّة يومَ استعادةِ تراثٍ واحتفاءٍ بتاريخٍ مجيدٍ. .
ذلك أكّده الرئيس بشار الأسد حول الأهمّية القوميّة العليا للغتِنا قوله:
(يجبُ إيلاءُ اللغةِ العربيّةِ التي ترتبط بتاريخِنا وثقافتِنا وهويّتِنا كلَّ اهتمامنا ورعايتنا كي تعيشَ معنا في مناهجِنا وإعلامِنا وتعليمِنا كائناً حيّاً ينمو ويتطوّر ويزدهر..). وكان قد أكّد ذلك في القرن العشرين الرئيسُ المؤسّسُ قوله:
(لغتُنا العربيّة هي عنوان هويّتنا، والرابطة بين النّاطقين بالضّاد وهي أهمّ صلات الماضي بالحاضر والمستقبل..).
تُعَدُّ اللغةُ العربيّة أهمّ مقوّمات الهويّة، حيث عملت -ومنذ البدء الحضاريّ- على نقل التطوّرات والتطوير، وثقافات الحضارات العربيّة عبر متواليات الأزمنة، لتُعَدَّ أهمَّ العواملِ التي حافظت على توحيد الأمّة في كلٍّ من ثنائية الجغرافية والتاريخ. . بما في ذلك إسهامُها في حفظ تاريخ مهد الحضارات، ومنذ النشأة الأمّ ثمّ إلى العصر الجاهليّ فإلى أوغاريت وفينيق وتدمر. . ومن ذلك تاريخهم الكامل حكْمَاً وحكْمَةً سواءً في آمالهم أو آلامهم، وما حقّقوه من بطولات فيهما!
تقول الشّاعرة صباح الحكيم:
أنَـــــــــا لا أكـتـــــــــب إلّا لـغـــــــــــةً في فـؤادِي سـكنَتْ منذُ الصّغَرْ
لغـةُ الضّـــــــــــادِ ومـَا أَجْـمَـلهـــــــا سـَـأغنّيـها إلى أنْ أنـدثـرْ
ومن سجايا هذه اللغة أنّها الأمّ التي احتضنت سائر الانتقالات الحضاريّة بنفس روح المفردات، ثمّ بنفس سياق المفردة في العبارة، ممّا بهما وصلت إلينا أقدم وقائع إنسان المهد الحضاريّ في الوسط الكونيّ ما يسمّى بلاد الشّام التي هي رأس مفردات بلاد الضّاد!!
وبآنٍ أخذ إنسان الغربِ حرفَها وعددَها عبْر (المتوسّط)، وأخذهما إنسانُ الشّرقِ عبْر (المحيط الهندي). . وإذْ بقيت لغتنا لغة الطبيعة (الأمّ) التي بها وصل إلينا إبداع امرِئِ القيس ومن إليه من قبل ومن بعد. . ولكن اللغات التي أخذت منها شرقاً أو غرباً خضعت للمتغيّرات حتّى لجأ إنسان هذا العصر عندهم إلى قاموس يترجمون به لغة السالف من العصور لديهم!!
ما أجملَ أن تقول اللفظةُ معناها، وهي كذلك في لغتِنا!
وما أجملَ أن تحافظ اللفظةُ على هويّة إنسان وأرض. . وهي كذلك لدينا سواءً عبر الجزالة والسهولة، أو عبْر الصورة واستشراف الآتي!!
ثمّ ما أجملَ وأوفى أن نكون أوفياء لهذه اللغة عبْر تمكينها المستمر. . نتطور بها، نستلهم من أبجديّتَيْهَا (الحرف والعدد) كلّاً من الثبات والاستمرار.
قال أحد الشّعراء العرب:
الأبـجديّةُ نـورُ أوغـاريــتَ . . لا للســــارقَـيْنِ: الـنَّـابِ والـنـبَّاحِ
وتلاقحَتْ تمشــــــــي بها أممُ الـــــــورى فالكونُ سوريُّ الحضارة ِ. . ضاحِ

ســها أحمد علي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار