الوحدة: 7- 9- 2020
وأنتَ يا إنسان, أنتَ حقيقة الوجود الموجود بقوّة الفعل وقوّة الكلمة الّتي كانتْ قرار البدء وأمر الخلق لتملأ الوجود بوجودك الّذي جعله الخالق عامراً بك أنتَ لا سواك, بكَ أنتَ يا إنسان, يا مَنْ جعلك الخالق خليفته على الأرض تأمر بالمعروف تدعو إلى الخير ليس بالكلمة وحدها وإنّما بالفعل المُترجِم لها, الفعل الّذي سيكون الصّورة الحقيقيّة لمعنى الإنسانيّة الّتي تتجلّى في هيئتك الخارجيّة حيث الصّورة الفُضلى كما تتجلّى بالنّفس داخلك فتأمرك بالخير وحبّ الآخرين الّذين ما كانوا في يومٍ من الأيّام إلاّ أنتَ كما لم ترَ نفسَكَ أو كما تحبّ أنْ تراها وإليها تسعى
أيا إنسان, وأنتَ تختصر الكون بأكمله بكمالكَ, بخيركَ, بمحبّتكَ, محبّتك لنفسِكَ الّتي يجتمع الآخرون فيها ويظهرون قولاً تارةً وفعلاً تارةً أخرى كما قد يظهرون أمنياتٍ ورؤًى, ما عليكَ غير أنْ تقتربَ أكثر فأكثر مِنْ قلبِكَ الّذي به تعيش العيشَ الّذي سيوصلك إلى أنْ تحيا, وما أجمل أنْ يحيا المرء! ولن يحيا إلاّ بالآخر, حيث فرح الّلقاء بالخير, وفرحة سماع الخير , وفرحة أنْ تكون سبباً في ذلك هي فرحةٌ لا تُعادلُها فرحة
إنّه لمن الصّعب على المرء أنْ ينسى نفسه المجبولة على الخير والمفطورة على الحبّ في معانيه وتجلّياته الّتي لا حصر لها , فخيرُ الآخر محبّة, ونجاح الآخر محبّة, وكلّ ما يُمكن أنْ يصبَّ في خدمة البشرية جمعاء بعيداً عن أيّ انتماء هو محبّة, وهنيئاً لذاك الّذي أدركَ ذا الأمر فكان خيرَ مُترجِمٍ وخير مظهرٍ لحقيقة الإنسان الموجود حيث قوّة الوجود وحقيقة أنْ يكون الإنسان إنساناً عارفاً بحقيقته البعيدة كلّ البُعد عن الرّأي المُنحاز لغايات ومُبرّرات لا تبرير لها أمام حقيقة أنْ يكون ما كان له أنْ يكون, لذا فإنّي أقول: إنّ الإنسان الفاضل مَنْ كانتْ فضيلته واضحة بيّنة, وإنّه لمن غير المُبرّر أنْ يجدَ نفسه حائراً ما بين الحقيقة والرّأي.
نعيم علي ميّا