الوحدة 1-9-2020
يطلق الإنسان منذ فجر التاريخ أسماء وصفات شتى على بقية الكائنات التي تعيش على سطح هذا الكوكب ويصنفها بحسب ما يشتهيه غروره.. ثم صار يستقي من تلك الأسماء والصفات ما ينعت به خصومه من أبناء جنسه كما يحمل الكائنات الأخرى أسباب الكوارث التي تشهدها الأرض متعامياً عن قصد أنه الكائن الأكثر عنفاً وتدميراً للمكان الذي يحتضنه.
ويتجلى هذا العنف بأشكال سلوك يومي يمارسه أبناء البشر تجاه بقية الكائنات وتجاه بعضهم بعضاً في الوقت نفسه حتى بات ما يتلقاه الأشخاص من أذى أبناء جلدتهم أكبر وأشد بكثير مما تفعله بقية الكائنات والكوارث الطبيعية التي غالباً ما تؤذي الإنسان كرد فعل على مبادرته بالإساءة أو لا !
بدأ العنف يتعاظم مع التطور البشري وراح يحمل أشكالاً جديدة أكثر شراسة ما جعل العلاقات الاجتماعية عامة عرضة للتمزق والانهيار، خاصة حين تحولت المجتمعات إلى السلطة الذكورية وانحسر دور الأنثى حتى كاد يتلاشى إذ ثبت بالتجربة والبرهان أن الرجل يتفوق في هذا الجانب السلبي ويحاول على ما يبدو الدفاع عن ذاته حتى لا يفسح المجال أمام المرأة لتعود إلى الواجهة وتقاسمه الغنائم السلطوية.
وتحد من سمة العنف المتأججة دائماً في داخله فوجّه جزءاً مهماً من سلوكه العدائي تجاهها وراح ينتهز كل فرصة سانحة لإذلالها وإلحاق الأذى النفسي والجسدي بها حتى باتت أروقة المحاكم في مختلف البلدان تعج بالنساء المضروبات أو المدمرات نفسياً اللواتي يطالبن بالحماية والإنصاف.
الغريب في هذا السياق أن الرجال يمارسون جبروتهم على الجنس اللطيف مع أنهم لا يستطيعون العيش بعيداً عنهم وتجدهم يبذلون الغالي والرخيص أحياناً ليحظى الواحد منهم بنظرة عين كحيلة أو رمشة هدب ناعس وحين يصل إلى مبتغاه يتمرد وتبرز عنجهيته الذكورية فيمارس هواياته في الرفس واللكم والسباب عند أول خلاف يطرأ بين الطرفين وبعد حين يعود إلى رشده ويبدأ البحث عن كلمات مناسبة للاعتذار وطلب الصفح.
إنها شيزوفرينيا ذكورية اكتسحت جائحتها عدداً وافراً من الرجال وغذّتها أفكار ومعتقدات بائدة آن الأوان للتخلص منها لو أرادوا الشفاء من ذاك الفصام وتغيير صورة الإنسان التي تظهره أشد الكائنات عنفاً وتدميراً !
فليس هناك أبشع من صورة حذاء ضخم يدوس وردة ندية ويبدد شذاها ولا أسوأ من رؤية وجه أو جسد امرأة ناعمة كقصيدة غزل وقد ملأته الكدمات والجراح وصارت الدمعات لا تفارق مقلتيها بسبب هيجان (ثور) جاهل يريدها مجرد وعاء فارغ صامت يفرغ فيه كبته وعقده الموروثة.
من هنا لا بد أن تنتبه المجتمعات إلى ظاهرة العنف ضد النساء لأنها تعكس معاني عامة خطيرة وتوجد حلولاً قانونية رادعة تحد منه على الأقل إن لم تستطع اجتثاثه جذرياً.
لمي معروف