الوحدة 27-8-2020
اعتاد شبابنا في كل وقت وحسب الواقعة والمصاب أن يكون لهم فيه شيء جديد وابتكار و(يقولبوه) ويقلبوه لصالح عرضهم وعروضهم على مسرح يومياتهم وحياتهم، فلم يكفهم اللحاق بركب الغرب ولباسهم وأطوال أذقانهم وأشعارهم حتى جاءت كورونا لتبلينا وتلبسنا الكمامات والقفازات للوقاية والحذر، لكن شبابنا جاؤوا عليها أن تكون مع لباسهم على اللون والقياس وحتى أنهم زخرفوها بالخرز والأكسسوارات وبعض الرسومات وافتعلوا منها موضة تميز هذه الأيام وتميزهم عن غيرهم من الأفراد، والأهل يا حرام من المصاب هم المرض أم هم زيادة الأعباء والطلبات عليهم وضعف حيلهم في الشراء ولم يكن ينقصهم غير هذا الوباء والبلاء الذي فيه إسراف وتبذير بشراء المنظفات والمعقمات وزادت عليها الكمامات للأولاد والقفازات ليكون ضرباً على الجيب كل حين جاء بالويل والثقب والتمزيق والخروج بصفر اليدين والوجه سقيم والحال ازدراء .
بيع الكمامات أصبحت تجارة رائجة لجائحة ابتلتنا واعترتنا الأوهام حتى أنها أصبحت شغل كل الخياطين وورشات الخياطة وحتى من لا شغل له، بل عملت على حل مشكلة البطالة والسائلين عن شغل واستجرت يداً عاملة إلى السوق فكان الأطفال والشباب بائعين جوالين ولم تكفنا الصيدليات التي اعتملت فينا جروحاً وقروحاً من لهيب أسعار الكمامات فيها ووصلت إلى 700_1000ليرة في بعضها (تجارة وشطارة ) وقد جاءت إحداهن وأنا أشتري الدواء لتقول : أن لديها ثلاث كرتونات فيها كمامات طبية وتريد أن تبيعها فكان أن أعطاها العامل في الصيدلية بعد أن نكز صاحب الصيدلية ورب عمله بمكالمة جارية في الحال على الموبايل في الواحدة 25ليرة في البداية رفضت عله يرفع فيها لكنه تصلب في مكانه ورأيه إلى أن أذعنت لرغبته وأخذ كل ما بحوزتها من كرتونات كمامات بلون واحد أزرق ووعدته أن تأتي له بالمزيد بعد أيام أخر، وهناك على باب الجامعة كل الكولابات تبيع كمامات وبأسعار تشجيعية 250_300 ليرة سورية و حتى جاء طفل بعمر 14 سنة ليقف وينادي على كمامات بألوان عدة فيها الأسود والزهري والأحمر والأصفر يا لجمالها تناسب كل الأذواق لينكب الشباب عليه صبايا وشبان فلا دخول للجامعة والكليات بغير كمامة فلم لا تكون بنفس لون البلوزة أو القميص ؟ (أكيد أحلى ).
الشاب علي بكلية الاقتصاد أكد أنه يشتري كمامة ويفضل أن يشتريها من الصيدليات لتكون معقمة و كل ثلاث ساعات، فلا فائدة منها بعد مضي هذا الوقت كما أعلنت التحذيرات ويحتاج في اليوم لثلاث منها أي ما يقارب 1500ليرة إضافة لمصروفات النقل وبعض الاحتياجات الضرورية لمثله من الشباب فنجان قهوة أو مرطبات وغيرها من الأطعمة والمقبلات وهو ما يدفع بوالده الموظف للنطق وتسميعه جملته المفيدة والوحيدة ( ما معي، من وين بدي لحق ) لكن والدته تلحق به إلى الباب وبيدها بعض الأوراق النقدية لتقول : (حبيبي لا يهمك خذ هذه .. ودير بالك ع حالك )
الشابة رولا _ بكالوريا أشارت أنها تخرج من المنزل كل ساعة أو اثنتين لأجل الدروس الخصوصية عند المعلمين وهي بحاجة أن تكوت أنيقة مثل رفيقاتها وعلى( آخر طراز من أخمص قدميها حتى أعلى رأسها وبينها الكمامة والقفاز) لتشتريها قبل كل درس الذي فيه مجموعة من الطلاب والطالبات وعلى نفس الطاولة متلاصقي الأكتاف، حيث قالت : لكل منا كمامتها بلون وحجم وحتى غزتها بعض الحبكات من الكروشيه والخرز وكلما زاد عليها الشغل زاد سعرها لكنها جميلة غيرت في (موديلنا ) أنا أختار الجديدة منها كل يوم مع أنه يمكننا غسلها وتنشيفها لإعادة استخدامها لكني أتبادلها مع شقيقتي .
أم سمر أكدت أن صغيرتها لا تلبس غير كمامة بلون زهري وتقول إن الأزرق للصبي، ولا تستطيع أن تخرج من المنزل مع صغيرتها بغير كمامات وهو ما يزيد عليها من مغبة الصرف والمصروفات التي يمكن أن توفرها لأجل الغذاء، ولديها ابنة في الصف الحادي عشر تحبس نفسها في غرفتها وترفض الخروج دون كمامة جديدة بنفس سوية وسعر التي تلبسها صديقتها وهم بغير حال،وقالت : كان ناقصنا هم الكمامات ومصروفها لكن كل الأهل يخافون على أولادهم ويشترون الكمامات لهم كيفما كانت حالهم فالحذر واجب لا أعرف ما أفعل لأجل صغيرتي، أحب أن أنفذ كل طلباتها وأتي لها بكل ما تشتهيه لكن لا أستطيع شراء تلك الكمامات التي تتجاوز الألف الحال ضيقة جداً و(العين بصيرة والأيد قصيرة ) .
هدى سلوم