الوحدة 18-6-2020
في أرضنا ما يكفينا من الخيرات ويزيد، وفي رؤوسنا ما يغنينا عن (تكنولوجيتهم) فيما لو حفّزناه، ومهّدنا الطريق لخروجه إلى حيّز التنفيذ….
لم نعش هذه (الضائقة) من قبل، مع أننا لم نكن يوماً خارج العقوبات الاقتصادية، فإن كان بعض المشكلة فينا، فإنّ الحلّ كلّه لدينا..
المعادلة ببساطة، لا نأكل إلا مما ننتج، ولا نلبس إلا مما ننسج، أما وقد تحوّلنا بالقسم الأكبر من الحاجتين الأساسيتين إلى الاستيراد، فمن الطبيعي أن نعاني..
آلاف المليارات تصدّرت العناوين الرئيسية في كلّ وسائل إعلامنا، وجولات لم تتوقّف على كلّ المحافظات، والنتيجة يجب أن تُقرأ بشكل موضوعي، وبعيداً عن الاتهامات لمن يصارح نفسه والآخرين..
من يبيع البقدونس، أو النعناع، يجرد حساباته في آخر النهار، ليعرف كم كسبَ، أو لماذا خسر، فكيف ونحن نتحدث عن آلاف المليارات، ألا يحقّ لنا أن نسأل ونعرف أين زُرعت، وماذا أنتجت، وأين حصّتنا كمواطنين منها؟
تكوّنت لدينا قناعات ومقولات سابقة، ملخصها أنّ أي منتج تزيد تكاليف استخدامه يقلّ سعره، فمثلاً السيارة التي تكون اسعار قطع تبديلها مرتفعة، وكمية صرفها للوقود كبيرة، ينخفض سعرها، إلا في هذه الأيام فلا شيء يخضع لهذه المعادلة…
سنترك السيارة جانباً، ونتحدّث عن (البقرة) التي كانت متواجدة في كلّ بيت ريفي قبل عقدين من الزمن، فمع ارتفاع تكاليف اقتنائها فإن سعرها أصبح بسعر سيارة، في خرق غير مفهوم للقانون الذي أشرنا إليه..
في سياق متصل، فهناك حديث مستمر عن تفكير الكثيرين من المربّين بـ (هجر هذه المصلحة)، وهذا يعني قلّة الطلب على اقتناء (البقر)، فما الذي أصابه سعره بالجنون؟
بردنا عندما رحنا نفتّش عن (الماركات الأجنبية) ولو في البالات، وأخافنا الجوع حين استصعبنا الإنتاج الزراعي، وتشرّدنا على أرصفة الصخب في المدينة..
قسم كبير من ريفنا معطّل بفعل فاعل، عندما تكون أسعار الأسمدة مرتفعة، وأجرة الحراثة كاوية، وبدل النقل خارج على القانون، فمن الطبيعي ألا يتورّط كثيرون بالزراعة، وأول ربحهم من هجر الأرض هو توفير تكاليف الزراعة..
لندخل من هذه البوابة إذا ما أردنا الوصول إلى حلول حقيقية، اتركوا (المشاريع السياحية جانباً، فالأهم من تجهيز المشروع السياحي هو تجهيز الإنسان الذي سيحرّك هذا المشروع، أما الرهان على السياحة الآتية من الخارج، فمن العقل بمكان أن نؤجّل التفكير بها حالياً، وتنّور وشمسية من قصب أهمّ، وأكثر جدوى من تجهيز أي فندق أو شاطئ خمس نجوم..
تحفيز الإنتاج المحلي، توجيه الدعم الحقيقي إلى مستحقيه، قراءة التجارب وتقييمها باستمرار، استعادة ثقة المواطن بالجهات العامة، المحاسبة الفعلية، محاربة الهدر لا تخفيض النفقات الأساسية، التصنيع الزراعي ووقف تصدير المنتجات الزراعية، التشدّد بتنفيذ ما يكون من قرارات، ضبط القروض بمختلف مسمياتها، ودراسة نتائجها ومردودها، إعادة فرز العاملين في الدولة بين عاملين منتجين فعلاً، وآخرين موظفين من دون عمل، أو بتعبير آخر يمكن الاستغناء عنهم، والاستفادة من فوارق الرواتب في تحفيز المنتجين، وغير ذلك من الأفكار البسيطة في ظاهرها، لكنها مؤثرة في مضمونها، ونرى فيها حلولاً حقيقية، فهل من أذن تسمع، أو قلب يعي؟
غانم محمد