العدد : 9547
الثلاثاء 10 آذار 2020
من دون سابق انذار، أعلن اتحاد كرة القدم إيقاف النشاط الكروي لغاية منتصف شهر نيسان القادم تماشياً مع قرارات الاتحاد الآسيوي المتعلقة بالوقاية من فيروس كورونا اللعين.
الإعلان جاء مصادفة مع وصول نبيل معلول إلى العاصمة دمشق ليوقع عقده كمدير فني لمنتخب سورية الأول، ولا شك بأن من يؤمن بالفأل، سيعتبر وصول المعلول نذير شؤم على كرتنا، وفألاً غير حسن.
إن تجاوزنا هذه الجزئية وجنحنا إلى العقل والمنطق، والظروف الاقتصادية لبلدنا إثر الحرب الجائرة علينا، سنكون مضطرين لسؤال اتحاد الكرة عن ماهية استقدام المدرب التونسي في توقيت متزامن مع إيقاف النشاط الكروي في بلدان عديدة من آسيا، مما يعني أننا نتجه لتأجيل شبه مؤكد لمباريات التصفيات المقبلة، ولن يكون هناك أي تجميع لعناصر المنتخب قبل أن يعود النشاط الآسيوي، وربما يمعن كورونا في أذاه، ويصمد لأشهر أمام مكافحيه، فلماذا ندفع هذه الملايين لمدرب قد لا يعمل قبل شهرين على الأقل، وربما قبل أشهر عديدة؟.
بمقابل هذا المنطق، سيكون هناك منطق آخر يقول: من الطبيعي أن يجلس مدرب أي منتخب من دون عمل عندما لا يكون هناك استحقاق قريب، فمدربو المنتخبات العالمية لا يجمعون لاعبي منتخباتهم إلا في المناسبات الرسمية، وهذا الأمر معروف لدى الجميع، ولكننا أمام حالة مستجدة ولا تشبه سابقاتها، ففي الحالات الطبيعية تكون المسابقات المحلية والدوريات (شغالة)، ويكون المدربون خلف رادار المراقبة للاعبي المنتخبات المشاركين مع أنديتهم، إضافة إلى البحث على لاعبين جدد قد يلمع نجمهم في تلك المسابقات، وبناء عليه يكون عمل المدرب مستمراً، وجهده على الطاولة، وهذه الحالة منتفية مع (معلولنا) الجديد.
أمر آخر قد يجده البعض غير ملائم للبحث أو النقد، وهو معاش المدرب الذي سيدفع من رصيدنا المجمد في خزائن الاتحاد الآسيوي، فنحن أمام شريحة تظن أن هذه الأموال مستباحة، والصرف منها حلال تحت أي ظرف.
من يفكر بهذه الطريقة لا يؤمن بأننا نتجه لإنهاء الحرب بانتصار بائن، ولا يعتقد بأن هذه الأرصدة ستعود إلى أصحابها ولو بعد حين، ويقين هؤلاء يشبه يقين المهزوم بعد أول رصاصة أطلقها علينا العدو، ولذلك وجب القول والتنبيه بأن شريحة كبيرة من السوريين تؤمن بعكس ذلك، وتعتقد بأننا نسير بقوة نحو فرض إرادتنا، واستعادة حقوقنا، ولا نقبل التفريط بأموال قد تخلق لنا واقعا كرويا مشرقا في المستقبل القريب.
نحن أمام عقدة لا يريد الجالسون على كرسي اتحاد الكرة إزالتها، فالمفاضلة بين المدرب الوطني و المدرب العربي أو الأجنبي لا تأخذ الشكل الإيجابي، ويظن صاحب القرار أن الهروب نحو الأجنبي يخفف ضغط الشارع الرافض للمدرب الوطني، علما أن التجارب ماثلة أمامنا وليس الزمن ببعيد، فمن أيمن الحكيم إلى شتانغه، حصلت الكارثة، ومن فجر ابراهيم إلى نبيل معلول، قد تحصل كارثة أخرى، مع كل التمنيات بأن نرى الخير على وجهه.
في كل الأحوال نحن أمام نهج لا يستند إلى حسابات دقيقة عند اتخاذ القرارات المصيرية، وغالبا ما تدار الأذن إلى الاتجاه الخاطئ، والأيام القادمة ستثبت أن القرارات الارتجالية والعاطفية- في بعض الأحيان-،لن تصنع كرة قدم منشودة جماهيريا، ولن توصلنا إلى عتبات كأس العالم كما نحلم جميعاً، ولنا مع التاريخ وقفات ونكسات تدلل على أن القادم ليس أجمل.. للأسف.
غيث حسن