العدد: 9533
الأربعاء: 19شباط 2020
رحل اللواء موفق جمعة من موقعه كقائد للعمل الرياضي في سورية، ورحلت معه تفاصيل السنوات العشر الماضية بحلوها ومرها، وعجرها وبجرها.
في سنوات مكوثه على رأس المنظمة الرياضية، تعرض اللواء جمعة لسيل من الانتقادات، ولسخط جماهيري كبير لطالما حمل أمنيات برحيله عن موقعه، فقد أخطأ الرجل وأصاب، وعمل ما بوسعه لتحقيق ما كان يراه عاملاً مطوراً للعمل الرياضي، فاختلف معه كثيرون، وجانبه في الرأي كثيرون، وكان منهم المحق والمخطئ، والمحب والمبغض، وعلى الدوام، كانت النتيجة دون المطلوب، لاعتبار أن الطموح بالأفضل من أساسيات تركيبة الإنسان، بغض النظر عن الظروف والإمكانيات.
ليس المقام مناسباً لتفنيد أخطاء السيد اللواء، فقد تحدثنا عنها في وقتها، وليس من عاداتنا كسوريين أن نثقل على الراحلين، بل اعتدنا أن نذكر محاسن من يتركون مناصبهم من باب عدم الجحود والنكران، وهنا مقام الأمر.
بنفس الطريقة التي نودع فيها اللواء جمعة، نستقبل الوافد الجديد السيد فراس معلا، ويحدونا الأمل بأن نقطع معه بحار العالم كما قطعها هو، ورفع عند شواطئها اسم بلاده فوق منصات التتويج، فالحمل كبير، وتفكيك التركة يحتاج إلى صبر أيوب، وإلى جهد جهيد كي يستوي العمل الرياضي، ويُوضع على السكة الصحيحة.
من المفيد جداً أن نبني فوق ما بنى السلف، ولكننا كجماهير رياضية لا نعول كثيراً على البناء السابق لأننا نعرف جيداً أن الأساسات غير متينة، وتحتاج إلى تدعيم يفوق حجم البناء من الصفر، ونظن أن إعادة التأهيل ستجدي نفعا أكثر من الترقيع، ونحن على استعداد للانتظار في سبيل الوقوف على رياضة متينة ترفعنا إلى مكان يتناسب مع قدرتنا على الإبداع .
لم يأت السيد فراس معلا من الشارع إلى قمة الهرم الرياضي، بل جاء من كواليس العمل، وهو العارف بكل تفاصيله وخباياه، والملم بكل ما تحتاجه الحركة الرياضية لاستعادة ألقها على فرض أنها كانت متألقة في يوم ما، وقد قال في تصريحه الأول أنه في مهمة سيكون فيها الرياضي جوهر عمله.
ونواة عمل المنظمة، مؤكداً أن وجوده على رأس المنظمة سيكون لخدمة البطل الرياضي، وهذا كلام جوهري لشخص سبر أغوار العمل، ولمس بيده أن الهم والاهتمام يجب أن ينصب على الرياضي ذاته، لا على المفاخرة بإنجازه بعد أن تُرك (يقبع شوكه بيده).
لن نملي على السيد معلا بما عليه فعله، فمن المؤكد أنه وضع قواعد عمله القادم، ولديه العناوين العريضة لكيفية الانطلاق بمهمته الجديدة ،ولكننا نتمنى أن يكون ملف الفساد داخل المنظمة أول أولوياته، فالوضوح في معالجة هذا الملف سيخلف أرضية جيدة للبدء في مسيرة البناء.
لن يغيب عن ذهن الوافد الجديد حال منشآتنا الرياضية ،وملاعبنا الصفراء، وصالتنا المهترئة، واللجان التنفيذية العاجزة، والكوادر المبعدة عن العمل بقرارات تعسفية تتبع للعلاقات والمصالح الشخصية، فأنين الرياضيين وصل إلى مسامعه بلا شك، وهو يعرف جيداً من ينخر في عظم رياضتنا، ومن يعتاش على ألمها.
بالمجمل، يأمل الرياضيون أن تكون المرحلة القادمة مع السيد معلا، هي اللبنة الأولى لانعاش الرياضة، وانصاف الرياضيين، سيما أؤلئك الذين نحتفي بهم في شبابهم، ونتركهم يعاندون القدر في شيخوختهم ،في حين ينعم الدخلاء على الرياضة بما جنت أيديهم.
نرجو أن يوفق السيد معلا في عمله، فنجاحه سينعكس إيجابا على الحركة الرياضية، وسيدخل الفرح إلى قلوب تعبت من الفشل والتقهقر، مع أنها ماقبلت يوماً إلا الريادة والسيادة.
غيث حسن