بــــلاد وعبـــاد….العرب وعلامة التعجب

العدد: 9520

الأحـــد: 2 شبــــــــــــاط 2020

وقف ترامب إلى جانب صديقه العزيز نتنياهو وأعلنا ما يسمى بصفقة القرن والعزم على جعل دولة الاحتلال دولة يهودية عاصمتها القدس وتصدقا على أصحاب الأرض الحقيقيين بخارطة أشلاء جغرافية يعجز الإدريسي عن فك طلاسم خطوطها لكثرة الجسور والأنفاق التي تسعى لاهثة لوصل ما يقطعه انتشار المستوطنات فوق تضاريسها المفترضة، وعلى أشلاء الخارطة وهب الصديقان الفلسطينيين منحة حكم ذاتي منزوع السلاح يتوجب أن يكون همه الأول والأخير أمن المغتصب وسلامه!
بعض الأعراب حضروا تفاصيل المشهد وصفقوا له حتى تمزقت جلابيبهم عن مناكبها ولو كانت سيوفهم التي تشبه أسياخ شيّ الكباب معهم لرقصوا بها وهزوا الخصور كعادتهم في كل كارثة تصيب المنطقة، صفقوا لمن يريد تصفية الوطن قبل القضية، صفقوا لمن يريد أن يجعل من الذل هوية، صفقوا لمن يريد أن تكون التغريبة رحلة باتجاه واحد لا إياب فيها، صفقوا لمن يطالب العرب بالاعتذار عن حرب الثمانية والأربعين، نكبونا ويريدون منا أن نعتذر عن إزعاجهم في نكبتنا والأعراب تصفق في مشهد تخجل بطون كتب التاريخ أن تحتويه.
هل هنالك من علاقة بين العربي وعلامة التعجب؟ تعجب العربي يوماً عندما أفضى به المسار إلى اتفاقية سايكس بيكو! تعجب العربي يوماً عندما سمع بوعد بلفور! تعجب العربي يوماً عندما أعلن الاحتلال قيام كيان دولته! تعجب العربي يوماً عندما تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد بعد خمسة عشر يوماً من المفاوضات! تعجب العربي يوماً عندما اجتاح الصهاينة لبنان! تعجب العربي يوماً عندما تم توقيع معاهدة أوسلو! تعجب العربي يوماً عندما تم توقيع اتفاق وادي عربة! تعجب العربي يوماً عندما غُزي العراق! تعجب العربي يوماً عندما اشتعلت نار الحرب في ليبيا وسورية واليمن ويتعجب العربي اليوم بعد أن اكتوى بقرّ ربيعه المزعوم! وبعد كل هذا التعجب يزداد العربي تعجباً فيفغر فاه وتجحظ عيناه على نبأ صفقة القرن وكأنك يا أبو عرب ما رأيت يوماً العجب، لماذا اختصنا القدر ببلاء التعجب في تاريخنا الحديث رغم أن أجدادنا الأقدمين اشتُهروا بالفراسة والبديهة اللماحة؟
قيل إذا عرف السبب بطل العجب والعربي المتعجب من كل شيء هو في الحقيقة خالِ الوفاض عاجز ليس في يده شيء بلغ منه العجز يوماً أنه تعجب من صمود المقاوم في لبنان أثناء حرب تموز واعتبر الإقدام تهوراً وحماقة لسان حاله يقول: الجود يفقرُ والإقدام قتالُ، الافتقار إلى الإقدام هو المسبب لكل هذا التعجب فالإقدام كسر شوكة العدو يوماً في تشرين التحرير وتموز الإباء، الإقدام تجلى رعباً في حجر حمله طفل فلسطيني واستمر كابوساً مؤرقاً في مفتاح تعلقه عجوز فلسطينية على صدرها في خيمة لجوئها.
سألوا العربي العربي يوماً لماذا رفض أن يوقع معاهدة سلام مع كيان العدو فقال كي لا أورث الجيل القادم صكوكاً ممهورة بالذل والخزي والعار.
قيل للعربي العربي يوماً: العين لا تقاوم المخرز فقال: الدم واجه السيف يوماً وهزمه هيهات منا الذلة.
فوق ركام علامات التعجب يشع نور الأمل ساطعاً وهاجاً قادماً من عيون امتهنت إبصار الصقور وأيقنت منذ المعركة الأولى أن طريق النصر محدد بخط واحد لا حياد فيه يمر من عين المقاوم عبر سدادة البندقية.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار