السوق الوليد على مدخل جبلة الشرقي: أسعار مخفضة تجذب المواطن

العدد: 9505

الأحد: 12-1-2020

ربح قليل وبيع كثير، بهذه العبارة يمكن أن نلخص حقيقة المشهد في السوق الوليد الممتد من مدخل مدينة جبلة الشرقي على امتداد طريق جبلة بانياس القديم وبالتحديد من جسر مدينة جبلة إلى مفرق سيانو والذي فرض نفسه على المستهلك وحتى على تجار المفرق في المدينة والريف بقوة أسعاره المتدنية التي تنافس حتى النشرة التسعيرية للتموين…
ما قصة هذا السوق الوليد؟ ولماذا تحول إلى مقصد للمواطن (المعتر) الذي يتحسس جيوبه الفارغة ليوفر بضع ليرات في ظروف معيشية صعبة فقدت الليرة عذريتها والكثير من قيمتها الشرائية (وصار بدها حلم الله) ليتمكن المواطن من تأمين قوته اليومي؟ ولماذا هذا التفاوت بالأسعار جملة ومفرقاً بين المدينة والريف وبين هذا السوق؟ وما قصة الفروج الذي يباع بأقل من تسعيرة التموين!؟.
على بعد عشرات الأمتار من جسر جبلة انتشرت محلات بيع المواد الغذائية (جملة ومفرق) وضجّ المكان بمواطنين عاديين يقصدون هذه المحلات للتسوق بعضهم من الريف وآخرون من المدينة وكذلك تجار مفرق أو نصف جملة من المدينة والريف.
أحمد علي من قرى بيت ياشوط يقول: كل عدة أيام وأنا في طريق عودتي على دراجتي النارية من عملي إلى القرية أقصد هذه المحلات وأشتري منها المواد الضرورية والأساسية (سكر، رز، زيت، متة) وكل ما أستطيع شراءه لأن فارق السعر بينها وبين القرية كبير وقد أوفر بحدود 1500 ليرة عند شراء بعض الحاجيات الأساسية فالوضع صعب، صحيح الليرة ما عاد لها قيمة (بس صرنا بدنا ندور عا لليرة).
حسن يوسف من سكان مدينة جبلة قال: مكرهاً أخاك لا بطل، أصبحت أقصد هذه المحلات وأتسوق منها المواد الغذائية وكذلك الخضار والفواكه نتيجة الفروق الكبيرة بالأسعار بينها وبين المدينة والتي تفوق أضعاف أضعاف تكلفة القدوم عليها وأضاف حسن: الوقت والراحة أصبحا آخر همي فلم يعد يهمني أن أنزل من شقتي إلى المحل في أسفل البناية لأشتري حاجياتي، راحتي أصبحت في ما يمكن أن أوفره في فرق الأسعار (من هون 50 ليرة ومن هون 100 ليرة) حتى أتمكن من تدبير أموري المعيشية بالحد الأدنى.

بهذه العبارة اختصر مخلوف إسبر أبو حسن صاحب محلات دندش للتجارة (مفرق وجملة) حقيقة مشهد إقبال المواطنين والشراء بكثافة من محله حيث قال: فارق السعر بيننا وبين السوق يجذب المواطنين حيث يصل أحياناً بين 10 إلى 20 % وكذلك تجار المفرق من المدينة والريف، وأضاف إسبر: نعتمد في عملنا على نظرية ربح قليل وبيع كتير وبذلك نكسب ثقة المواطن ونحقق أرباحاً معقولة ونجدد بضاعتنا كل يوم وعن تحول المنطقة إلى أشبه بسوق ومقصد للمواطنين والتجار قال إسبر: موقع المنطقة مهم كونها تشكل الطريق الرئيسي بين مدينة جبلة وبين كافة القرى حيث الكثافة المرورية فالكثير من المواطنين وأثناء عودتهم إلى قراهم يقفون ويشترون حاجياتهم كوننا نبيعها بسعر الجملة وكذلك الأمر بالنسبة لتجار المفرق من الريف والمدينة وكوننا باستجرار المواد من المصدر مباشرة سواء من المعامل أو من تجار المواد المستوردة ودون وسيط لذلك نختصر عدة قنوات ونستطيع بيعها بأسعار منافسة ومقبولة ترضي المواطن والتجار ونحقق أرباحاً مقبولة معتمدين على كثرة البيع…
من الأرض للمقلي
على امتداد الطريق وبنفس السياق عشرات السيارات المتوقفة وكذلك الأكشاك تعرض بضائعها من الخضار والفواكه بفوضوية جميلة مشفوعة بالأسعار المخفضة والطيبة والسعي وراء تأمين لقمة العيش..
فادي حماد مصاب حرب يقوم ببيع البطاطا والفواكه والخضار في كشك مقابل الغزل بأسعار أدنى حتى من سوق الهال وبمبلغ قد يتجاوز الـ100 ليرة للبطاطا والتفاح، يقول فادي: أتعامل مع سيارة تنقل لي البطاطا من الغاب أو حمص مباشرة من الأرض دون وسيط وأضعها أمام الكشك وأبيعها بربح معقول لا يتجاوز العشر ليرات بالكيلو غرام الواحد وكذلك بالنسبة للتفاح والبصل وبقية الخضار والفواكه كلها من المصدر مباشرة وعن حركة البيع يقول فادي: الحمد لله البيع (منيح) المهم القناعة ونعيش بكرامتنا، صار كل الناس يعرفوننا ويقصدوننا…
عروض موسمية
على بعد أمتار من كشك فادي يوقف علي سليم ديوب سيارته الخاصة (بيك آب) ويعرض بضاعته من التفاح أيضاً معتمداً على كرتونة صغيرة مكتوب عليها (الأربعة بألف) تجذب الزبون وتغريه لأنها أقل من أسعار السوق بفارق كبير قد يصل إلى الضعف ويقول ديوب إنه يذهب بسيارته الخاصة إلى حمص قرية طريز ويشتري طناً من التفاح من المصدر بدون كمسيون وبدون آجار نقل وهذا ما يمكنه من البيع بأسعار مقبولة وبسرعة.
بدوره سمير إسماعيل جاره يعرض بضاعته من البطاطا ويقول: نعتمد على المواسم والرزق على الله نبسط هنا طيلة العام بضاعتنا تكون حسب الموسم (جبس، بطيخ، بصل، ثوم، تفاح، بطاطا)، غالباً ما نقوم بإحضار بضاعتنا من المصدر (حماة، الغاب، حمص) بواسطة سياراتنا ونوفر أجور النقل والعمولة وهذا ما يمكننا من البيع بأسعار منافسة، وأضاف: معظم زبائنا من العابرين على هذه الطريق المتجهين إلى قراهم إضافة إلى عمال الغزل وأحياناً هناك مواطنون يأتون من المدينة للتسوق نتيجة فرق السعر الكبير…

تباين بالأسعار
حملنا دماثة وطيبة وعفوية باعة الخضار والفواكه على هذا الطريق وأسعارهم المعروضة إلى سوق هال جبلة لمقاربتها بأسعار بعض نفس المواد التي تباع بسوق الهال لتجار الخضرة والفواكه من أصحاب البقاليات في المدينة والتي بينت حجم الفارق التي يصل أحياناً إلى نصف السعر وأقل حتى من تسعيرة التموين بطاطا سبونتا سعرها في سوق الهال 300 ليرة بينما تباع على بسطات هذا الطريق 200 ليرة، تفاح كولدن يباع في سوق الهال بين 500 و600 ليرة حسب نوعه يباع نفسه ب 400 ليرة، موز يباع في السوق 750 ليرة يباع على بسطات الطريق ب600 ليرة، الأمر ذاته ينطبق على كافة المواد…
للفروج قصته
عروض الأسعار المغرية والمتدنية لا تقتصر على بيع المواد الغذائية في محلات بيع الجملة ولا الخضار والفواكه بل تشمل أسعار بيع الفروج على طول الطريق وبأسعار أدنى من أسعار نشرة الأسعار الصادرة عن التموين وأدنى من أسعار بيعه بالمدينة مع تباين بالأسعار بين نفس المحلات المنتشرة على الطريق قد تصل إلى 100 ليرة س لكل كغ بين محل وآخر بالتدقيق في النشرة السعرية الصادرة عن التموين والتي تبين أن سعر بيع الفروج للموزع 1040 ليرة، وللمستهلك 1060 ليرة، نجد أن البيع في بعض المحلات أقل من 1000 ليرة.
زين منصور منتج وبائع فروج قال: إن ذلك يعود للمنافسة بين تجار بيع الفروج وخاصة المنتجين وأضاف: هذه الحالة غير صحية ومنافسة غير شريفة لأنها تضر بباعة الفروج من غير المنتجين وخاصة في القرى وتوقعهم في خسارة سيما وأن هامش ربحهم قليل ولا يستطيعون المناورة أو المنافسة فيما طالب عدة بائعين للفروج بالمدينة بضبط هذه الحالة وإلزام الجميع بتسعيرة موحدة لأن ذلك يجعلهم موضع شك من قبل الزبون ويلحق بهم أضراراً وخسائر سيما وأن قدرتهم على المنافسة تكون مع باعة الفروج المنتجين تكون شبه معدومة..

لحماية المستهلك رأيها
شعبة حماية المستهلك في جبلة لها رأيها في كل ما سبق عرضه، إذ يقول رئيس شعبة حماية المستهلك في مدينة جبلة المهندس سليمان محرز إن موقع هذا الطريق الرئيسي كونه حلقة الوصل الوحيدة بين مدينة جبلة والريف والكثافة المرورية جعلته نشطاً تجارياً ومركزاً لتجار الجملة ونصف الجملة الذين يستجرون بضائعهم بشاحنات كبيرة أو متوسطة ومن المصدر مباشرة مختصرين حلقات الوساطة حيث يوجد على هذا الطريق أكبر عشر تجار جملة بالمدينة إضافة إلى بيعهم للمواطنين بالمفرق وبأسعار الجملة مما جعلهم مقصداً للمواطنين والتجار على حد سواء وحول بيع الخضار والفواكه بواسطة السيارات والأكشاك المنتشرة على الطريق وبأسعار مقبولة قال محرز إن ذلك يعود للقوة الشرائية التي يمتاز بها الموقع إضافة إلى أن معظم الباعة يستفيدون من ميزة جلب البضاعة من المصدر محافظات حماة وحمص والغاب بسياراتهم الخاصة وعرضها وبيعها بسعر منافس دون وساطة أو كمسيون إضافة إلى إمكانية استفادتهم من كافة النفقات الأخرى من ضرائب وأجور محلات وكهرباء وغير ذلك وعن تباين أسعار الفروج بين هذا الطريق والمدينة قال محرز إن السبب يعود إلى أن معظم باعة الفروج على هذا الطريق هم من كبار المنتجين والموزعين ولديهم منافذ بيع مباشرة للمواطن ومحلاتهم ملك وبالتالي لديهم هامش للمناورة في الربح ويعتمدون على البيع الكثير وبعضهم يتقاضى فقط أجور الذبح والتنظيف على عكس أصحاب المحلات في المدينة ولفت محرز إلى أن هناك مراقبة يومية لكافة الفعاليات التجارية على هذا الطريق.

 حازم الورعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار