بلاد و عباد.. حين يترجل الفرســـان

رقــم العــدد 9502
الثلاثاء 7 كانون الثاني 2020

المكان طريق مطار بغداد، الزمان الساعة الثانية فجراً يوم الجمعة الثالث من كانون الثاني، الهدف كوكبة من رجال النار وفرسان البارود..
تسللت قاذفات الشر في الظلام كالخفافيش عبر الغمام وأطلقت نار حقدها الدفين فترجل الفرسان، المهندس وسليماني مع رفاق دربٍ يمتد من طهران وبابل إلى كنيسة القيامة، من كربلاء إلى ساحة الأقصى مروراً بفيحاء الصمود وجنوب التصدي، دربٌ وعر شائك مرصوف بغضب ساطع صقل بحجارة كربلاء ينفتح في نهايته على أزقة القدس العتيقة لا يرتاده ويسير فوق وعره إلا رجال تسربلوا بأكفان الشهادة يتوقعون نيلها كل ساعة وتضحي أيام حياتهم فصولاً في كتب مؤجلات.
انتفخ الأمريكي فخراً بإنجازه العظيم المتناسب مع عظمة الشهداء المستهدفين وانتشى الصهيوني فرحاً بالصيد الثمين وهلل بعض الأعراب للحدث مصممين أن يبقوا في مكانهم المناسب كما عهدهم التاريخ ذيولاً تهتز بفرح صاحبها وتنطوي بحزنه واستنفرت جماهير المقاومة على امتداد أرض المقاومة حزناً وغضباً مطالبة برد صاعق يتناسب مع جلل المصاب.
التاريخ مدرسة لمن أراد أن يتعلم وفيه نقرأ: في السادس عشر من شباط عام ١٩٩٢ تربصت مروحيات كيان العدو الصهيوني في أجواء لبنان لموكب الأمين العام لحزب الله آنذاك عباس الموسوي وأطلقت نار حقدها الدفين ليترجل الفارس مع زوجته وابنه الصغير، انتفخ يومها كيان العدو زهواً وفخراً معتقداً أنه أصاب المقاومة في مقتل وأن نفوس المقاومين تهاوت في مهاوي اليأس والإحباط لكن العكس هو ما سجله التاريخ في لوحه، اعتلى السيد حسن نصر الله السرج ومن خلفه آلاف الفرسان وتابعوا السير على درب النضال بعزيمة أكبر وشكيمة أشد وتصميم أعظم وزادوا من مقدرات المقاومة وبأسها إلى أن حققوا نصر التحرير المؤزر بعد ثمانية أعوام فجاء الرد ردوداً متوالية أثمرت في النهاية تحريراً تاريخياً أثلج صدور جماهير المقاومة و سوّد وجوه قادة الكيان وأذنابهم ونال عباس الموسوي لقب سيد الشهداء ونال حسن نصر الله لقب سيد المقاومة الذي أعلن اليوم أنه يغبط المهندس وسليماني ورفاقهما على مكسب الشهادة الذي يتمناه.
ترجل الفرسان لا يعني موت الفروسية لكنها سروج تخلو ليملأ الصهوة من كان ينتظر شرف الاعتلاء، الرد الحقيقي على غطرسة المحتل يكون بتكثيف الجهود ومضاعفة التصميم وتشديد العزيمة على المضي قدماً على درب النضال مهما غلت التضحيات لأنها درب وعرة شاقة صعبة تحتاج رجال المشقة والصعاب، ما كان درب النضال يوماً طريق حرير لكنه طريق التحرير الذي ينبت بدل المقاوم ألف مقاوم، يسقط مقاومون لترفع نعوشهم أكتاف وأكتاف وتحمل بنادقهم أكتاف وأكتاف، ويبقى طريق التحرير مرصوفاً بغضب كربلاء محفوفاً بالسيوف الدمشقية مسوراً بقمح الجنوب ونخيل دجلة.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار