العدد:9501
الاثنين: 6-1-2020
لقد أصبح الهاتف النقال من أهم منجزات عصر الاتصالات ويسهل على المرء أموراً كثيرة لكن ماذا لو تحول اقتناء هذا الهاتف إلى ولع يصل أحياناً إلى أن يصيب صاحبه أو صاحبته بمرض التعلق بهذه الآلة؟
ما أكثر الأشخاص الذين يتعلقون بها لدرجة تجبرهم على أخذهم لها أينما كانوا حتى في الحمام.
وما أكثر النسوة المتعلقات بهواتفهن لدرجة أصبح معها الهاتف النقال عنصراً أمنياً يحمي هذه أو تلك في حالة تعرضها لأي مكروه في الأماكن العامة خارج البيت حتى أن الأهل باتوا يؤمنون الهواتف النقالة لأولادهم لأسباب عديدة فالأم تود الاطمئنان على أولادها في أثناء وجودهم خارج المنزل وكذلك بالنسبة للأزواج والزوجات فقد أصبح الهاتف النقال مصدراً للتجسس في أكثر الأحيان، فالزوجة تعرف مكان زوجها عبر هاتفه والكارثة ستحل عليه حتماً إن كان هاتفه مغلقاً ولو برر ذلك بأنه كان في منطقة خارجة عن نطاق تغطية الشبكة.
وكذلك الزوج الذي يتابع تحركات زوجته من خلال هاتفها النقال والويل لها إن كان هاتفها مغلقاً.
أسئلة كثيرة تسمعها وتعيشها يومياً مع الهاتف النقال الذي وإن كان قد سهّل حياتنا في كثير من النواحي سواء بما يخص العلاقات الاجتماعية أو الأعمال فإنه أساء لهذه العلاقات في نواحٍ أخرى منها الخاصة والعامة وأن يكون لديك هاتفك الخاص النقال معناه أن كل من يعرف رقمك يستطيع الاتصال بك في أي لحظة ناهيك عن الرسائل التي تنهال عليك كالمطر من مصادر تعلمها وأخرى لم تسمع عنها في حياتك.
ولاشك في أن الهاتف يعد من أسرع وسائل التواصل بين العشاق خاصة في المجتمعات الشرقية المحافظة فيبدو الهاتف دائماً وسيلة الاتصال الأكثر استعمالاً تقرّب البعيدة من دون متاعب.
وتتيح فرصة التحدث من دون خجل ناهيك عن الهمسات والأسرار الكثيرة التي يؤتمن عليها عبر الهاتف وعلى الرغم من أنه لم يعد وسيلة آمنة مع وجود الكاميرا وجهاز التسجيل الصوتي في الهواتف الحديثة لكنه ظل الأنسب بين وسائل الاتصال بحيث أوجد دخول الموبايل إلى مجتمعاتنا الشرقية حلاً لمشكلات المكالمات الحميمية من خلال الهاتف الثابت الذي غالباً ما يكون تحت أنظار جميع أفراد الأسرة.
ومع ما قدمه تطور أجهزة الاتصال وخصوصاً الهاتف المحمول من خدمات يبدو هجومه على مجتمعاتنا وتعلق مقتنيه به بشدة وكأنما بدأ بالقضاء على ما تبقى من عادات وتقاليد اجتماعية كاللقاءات والزيارات والحفلات. فالشباب الذين يخرجون معاً لقضاء بعض الوقت ينشغلون في تلقي الاتصالات بحيث يشكل الموبايل ضمن هذا المشهد الذي تباعد كل واحد منهم إلى زاوية أو مكان جانبي بمعنى تحوله إلى وسيلة قطيعة لا اتصال.
لمي معروف