العدد:9501
الاثنين: 6-1-2020
يثقل الرأس وتتزاحم الصور في المخيلة وأنت متسمر أمام شاشة التلفزيون تتنقل بين المحطات لتتابع آخر مستجدات هذا العالم المتخم بالمشكلات والكوارث والحروب والإرهاب القابع على شفا هاوية الزوال تحت وطأة طعنات حفنة من سكانه الشرهين الجشعين الذين لا يعيرون أدنى انتباه للخراب الذي يقومون به في سبيل إشباع أنانيتهم المريضة، وعندما تبدأ مطارق الألم تدق عظام جمجمتك من الداخل تحاول الاسترخاء قليلاً، تغمض عينيك ملتمساً إغفاءة قصيرة يتطاول حلم ينقلك إلى فضاء تغمره الخضرة والنسيمات اللطيفة التي تعبق بالورد ونداوة العشب الطري لكن صمتاً كصمت القبور يلّف المكان فلا يتناهى إلى مسامعك سوى حفيف أشجار حزين بين الفينة والأخرى.
تتلفت حولك: تبحث عن طير هنا أو طير هناك، فلا تجد لها أثراً، تقترب من شجرة عتيقة تناجيها سائلاً عن سكانها، فتذرف دمعاتها شبعة بأوراقها عنك، ثم تتمتم لقد انقرضت الطيور ولحقت بأجدادها الديناصورات إلى المنتهى لتصبح مجرد كائنات تدرس الأجيال المقبلة نموها وارتقائها بعد مئات السنين إن كان الإنسان محظوظاً ولم يلحق بها بعد حين ينقبض القلب وترتجف مفاصلك لما آلَ إليه عالمك الكئيب، تحاول ألا تصدق ما سمعته وتكذب حواسك التي تثبت الحقيقة ترهف السمع بدقة لعلك تلتقط زقزقة عصفور هنا أو هديل حمامة هناك أو حتى نعيق غراب قادم من البعيد فلا يتناهى إليك إلا السكون تتقدم إلى الأمام وأنت ترصد السماء بعينين وسّعتهما دهشة الخوف أملاً أن ترى بلبلاً يصدح بألحانه، صقراً يبحث عن فريسة، إوزة تهاجر منفردة ولكن من دون جدوى، وفجأة تغطي عين الشمس أسراب من كائنات غريبة طنين أجنحتها يفجر الصمت تختبئ وراء ظلك تراقبها فتكتشف أنها مجموعات من البعوض والذباب والجراد وقد تعملقت بعد أن قضي على صياديها وراحت تسرح وتمرح على الكوكب بحرية مطلقة تنتفض فجأة من إغفاءتك ونبضات قلبك تكاد تشق صدرك ترصد الغرفة بجوانبها الأربعة لتتأكد من أن ما رأيته مجرد كابوس احتل هدوء أحلامك بعد أن شاهدت الكثير من التقارير والتحليلات العلمية حول وباء إنفلونزا الطيور الذي يهدد العالم بكارثة لا تعرف نتائجها.
لمي معروف