العـــــدد 9495
الإثنـــــين 23 كانـــون الأول 2019
صدر ضمن منشورات اتحاد الكتّاب العرب كتاب (الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث) للدكتور محمد علي الزركان، وقد بذل المؤلّف في كتابه طاقة كبيرة وهو من القطع الكبير، وقد جاء بخمس مائة صفحة وست صفحات.
وسنحاول استعراض أهم النتائج التي توصل إليها الباحث وقد أبرز الجهود في وضع المصطلحات العلمية وتصنيف المعاجم المتخصصة وهي جهود فردية وجماعية، وبدأ في مصر في الربع الثاني من القرن الماضي تعليم الطبّ باللغة العربية، وإن الكتب الطبية المؤلفة، أو المترجمة تدل على أن وضع المصطلح العلمي العربي ليس أمراً مستعصياً، وهذه المؤلفات كانت مصادر ومراجع لأساتذة المعهد الطبي العربي بدمشق (كلية الطب حالياً).
وأبرز الباحث أن المجامع اللغوية والعلمية حملت عبء وضع المصطلحات ويمكن القول إن مجمع اللغة العربية بالقاهرة قصر عمله على اللغة ومصطلحاتها أما مجمع دمشق فلم يضع المعاجم المتخصصة والمصطلحات إلا قليلاً لأن كثيراً من أعضائه كانوا يقومون بهذا العمل في محاضراتهم بالجامعة السورية.
وقد بيّن الباحث أن أساتذة جامعة دمشق قد حملوا عبء التعريب ووضع المصطلحات العلمية وأن كلية الطب تعلّم الطب باللغة العربية وقد أكد الباحث أن مكتب تنسيق التعريب قد أُسس للقضاء على التعددية في المصطلح العلمي، وإن تعدّد المصطلحات وعدم توحيدها ينذر بنشوء لغات علمية عربية مختلفة، وقد بدأ الباحثون العرب يتجهون نحو تدارك خطر تعدّدية المصطلح العلمي ودراسته دراسة علمية على أنه فرع من علم اللغة الحديث، وإن إهماله سيهدد صفاء العربية الفصحى ويُحدث في صرحها شروخاً، لهذا كان لابدّ من توحيد المبادئ التي تتحكم في إيجاد المفاهيم العلمية أو تعديلها لوضع المصطلحات العلمية المقابلة لها، ومن هنا نشأ (علم المصطلح) وهو علم حديث النشأة شهد ميلادها هذا القرن وما يزال في دور النمو والتكامل.
إن قضية وضع المصطلحات العلمية في اللغة العربية ينبغي أن ينظر إليها نظرة متكاملة، وإن كثرة هذه المصطلحات المتنوّعة تدل على سعة اللغة ورقيّها وتقدّمها لاحتوائها على المفاهيم العلمية والحضارية، وقد برهنت الدلائل على ثراء اللغة العربية وقدرتها على التعبير عن حقائق العلم.
إن كتاب (الجهود اللغوية في المصطلح العلمي الحديث) كتاب قيّم وهام يستحق مؤلفه الدكتور محمد علي الزركان الثناء والتقدير.
عزيز نصّار