بلاد و عباد .. السفرجل القادم من الشمال

رقــم العــدد 9461
الإثنـــين 4 تشرين الثــاني 2019

أربعة قرون خيّم على امتداد عقودها ظلام العثمانيين الكالح فوق مئذنتي الجامع الأموي الكبير والصغير في سورية، أربعون عقداُ جثم على امتداد أعوامها رابوص العثماني على الصدور في سورية، أربعمائة عام أنشب العثماني على امتداد شهورها وأيامها مخالبه في رقاب السوريين وقلوبهم، قام باحتلال آمالهم وأحلامهم ومستقبلهم قبل أن يحتل أرضهم وقمحهم وحجرهم.
حيث يذكر العثماني لا يذكر معه سوى الألم والذل والموت والجراح، ذكر العثماني مرتبط بالقهر والضيم والتعذيب والمؤامرات واستغلال الدين أسوأ استغلال، مرتبط ببذخ السلطان وتجبّره، بخبث الصدر الأعظم وتغوّله، بجهالة شيخ السلطان وانبطاحه، بفساد الوالي وتملّق الباشا وجور الباشا وجور الآغا، ببذائة عسكر الانكشارية والسباهية، بنير الضرائب والجباية، بآلام (السفر برلك والأخد عسكر)، بالمذابح والمشانق والسجون، بالرشوة والمحسوبية والتفرقة، لكن وللأمانة التاريخية تميّز الاحتلال العثماني بإدخال مفهوم البحث العلمي واستخدام التقنيات وتطوير أدواتها في بلادنا من خلال إبداعه المنقطع النظير في تطوير طريقة الإعدام بالخازوق العثماني إذ توصل جلّادوه المهرة في النهاية بعد دراسات حثيثة وسهر متواصل وتجارب حيّة لا تحصى إلى ابتكار طريقة لدقّ الخازوق تكفل لصاحبه البقاء على قيد النزاع لمدة قد تصل إلى أربع وعشرين ساعة تكابد فيها روحه سكرات الموت وتبقى حبيسة الوتد (العصملي) الخبيث الذي يخترق طبقات جوف الجسد مجانباً القلب والرئة والأوعية الرئيسية خارجاً من الكتف الأيمن ليضحي الخازوق العثماني وسم تميّز وعلامة تفوّق تفرّد بها المحتل العثماني الذي يحلو للبعض ممن غطت لحاهم بصائرهم تسميته فتحاً، بالمختصر (المُضِر) ذكريات العثماني كذكريات السفرجل كل عضّة بغصّة مع اعتذارنا إلى ثمرة السفرجل واحترامنا لفوائدها.
اليوم يحاول أردوغان استنساخ المسخ العثماني مجدداً فالجارة الجنوبية جريحة تكالبت عليها النصال وفيها من الخيرات ما يسيل له لعاب اللصوص، قبل ثمان سنوات ومع بداية الحرب على سورية عندما كان الظرف السياسي مواتياً أرغى أردوغان وأزبد ووعد أن سيصلي في صحن المسجد الدمشقي الكبير تماماً كما أرغى أصحابه وأزبدوا ووعدوا أن يرفعوا رايتهم السوداء فوق قمة قاسيون لكن الأمور بخواتيمها وخاتمة الأمر حالياً كما يشهدها العالم اليوم تكفّلت بها الباصات الخضراء التي أقلّت أصحاب الرايات السود إلى إدلب بينما تكفّل طباخ أردوغان بوجبة (شيش بورك) يتناولها رئيسه في صحن قصره الكبير في استنبول.
أبطال الجيش العربي السوري يرابطون على تخوم إدلب وسيد الوطن بارك لهم انتصار الإرادة والتصميم أثناء زيارته لخطوطهم المتقدمة وطالبهم بانتظار الإشارة وأكّد في لقائه مؤخراً مع الإعلام الوطني أن سورية ستعود واحدة موحدة والعمل جار في المجالين السياسي والعسكري في الداخل والخارج من أجل تحقيق هذا الهدف لكن للحصاد موسمه ووقته، أما بالنسبة للسفرجل القادم من الشمال فحتى وإن طال غصيصه لكنه في النهاية سيحصد مع اعتذارنا للسفرجل وفوائده!

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار