وقـال البحــــــر… نعمة النوم

العـــــدد 9453

الأربعـــــــاء 23 تشرين الأول 2019

 

 

هو هبة إلهية لم يُعرف قدرها الحقيقي بعد ولم تُكتشف أسرارها الدفينة حتى الآن، فهو ضرورة من ضرورات الحياة وفيه تهبط كل عمليات الجسم لتأخذ مختلف الأعضاء والأنسجة قسطها من الراحة بعد نشاطها في اليقظة، ويُصنف كعملية فيزيولوجية لها سبب وهدف، ويتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي من شخص إلى آخر ولكن من المؤكد قوله بأن عدد الساعات التي يحتاجها الشخص نفسه تكون ثابتة دائماً، فبالرغم من أن الانسان قد ينام في ليلة أكثر من ليلة أخرى إلا أن عدد الساعات التي ينامها الشخص خلال أسبوع أو شهر تكون ثابتة.
تُؤكد الدراسات أن الإنسان ينام في متوسط حياته ما لا يقل عن ٢٣ سنة أي ما يعادل ربع قرن من الزمن تقريباً ورغم ذلك الأمر فلم يزل النوم أمراً غامضاً للجميع وما تم إدراكه حتى الآن لا يتعدى الحقيقة العلمية التي تقول بأن المخ والجسم في أثناء النوم يكونان في أعلى ذروة نشاطهما.
يتميز المخ بنشاط كبير وملحوظ أثناء النوم وتنقسم ليلة النوم إلى أربع دورات حيث يبدأ النوم المتقطع ومرحلة الأحلام في نهاية الدورة الأولى وتتميز الدورة الثانية من النوم بنشاط أقل من الدورة الأولى وأما في كلتا الدورتين الثالثة والرابعة فيكون فيهما النوم عميقاً ليُعوض للجسم تعبه وإرهاقه.
تختلف قدرات الأشخاص في تذكر ما قد تم رؤيته أثناء النوم ويكون ذلك لأسباب:
* الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان من اضطراب أو صفاء الذهن.
* موضوع الحلم ذاته.
* التركيبة الفيزيولوجية نفسها لجسم الإنسان حيث تختلف بنية الذاكرة الباطنية بين فرد وآخر.
* درجة تعقيد الحلم وطبيعته ومدى فرص التعمق في تذكر تفاصيله.
يُعتبر النوم الصحي المريح مهماً جداً للتخلص من المشاكل الجسدية والنفسية، و معظم الناس يعرفون أن النوم الجيد أساس الصحة فهو يُنعش الجسم ويَمده بالنشاط ولذلك لا يجوز تجاهل ما يُمليه العقل وأساس المنطق والطبيعة الإنسانية من الحاجة إلى الراحة والخلود للنوم.
يُعرّف الأرق على أنه الشكوى من عدم إمكانية الحصول على نوم مريح وهو ما يُؤثر على نشاط الإنسان كما أنه ليس مرضاً في حد ذاته بل يُعد عرض طارئاً لمشكلة طبية، ويُقلل الأرق المزمن من القدرة على حُسن تأدية الوظائف الحيوية والأساسية في الجسم ويُؤثر على الحالة العصبية والمزاجية العامة للإنسان ويُؤدي إلى الاكتئاب واضطراب في الذاكرة ونقص التركيز وعدم صوابية الحكم على الأشياء وضعف الإنتاجية وتدني الأداء وإلى تشكل حالة من الخمول في النهار، ويُقسم الأرق إلى: صعوبة البدء في النوم، الاستيقاظ المُتكرر، الاستيقاظ المُبكر،
ومن الجدير ذكره بأن للأرق أسباباً بارزة يمكن إجمالها في أسباب نفسية، وأسباب عضوية، وأسباب سلوكية وبيئية.
تُظهر البيانات بأن الأشخاص الذين يعيشون حياة خاملة ينامون بصورة أسوأ من الذين يعيشون حياة مليئة بالنشاط والحركة والحيوية وخير مثال على الذين ينامون بشكل منتظم هم من يُمارسون الرياضة بشتى أنواعها.
تحدث أشكال عديدة من شتى التغيرات الفيزيولوجية والأنشطة المعقدة في مختلف أعضاء الجسم خلال النوم ولعل القلب أحد الأعضاء الهامة التي تتأثر بالنوم والاستيقاظ، وتُعتبر مشاكل النوم من الأمور المؤثرة على وظائف القلب الذي يُرخي بظلاله على راحة الجسم واستمرارية حياة الإنسان.
تجدر الإشارة إلى أن النوم ضروري جداً ومهم لتنمية المهارات والمواهب فالنوم المريح والمنتظم يُطور المواهب الشخصية كالموسيقا والرياضة ويُنعش ويُنشط جوانب معينة من الذاكرة وتحديداً في آلية تفعيل التصورات واستذكار ما حدث في الماضي.

د. بشار عيسى

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار