الوحدة – يمامة ابراهيم
ليست المرة الأولى التي تمتحن فيها وحدتنا الوطنية، ويتعرض عيشنا المشترك لنهر الشرور ولاختبارات ومحاولات العبث، وفي كل مرة يقدم المواطن السوري نفسه من بوابة الانتماء رافضاً محاولات العبث والتفرقة التي لا تخدم سوى أعداء السوريين، وترقص على جراحهم.
ما من شك بأن أي مراقب أكان موضوعياً منصفاً أو مخادعاً حاقداً إلا وبدا مندهشاً ومذهولاً، وهو يرى منسوب الحكمة والعقلانية التي تعاملت فيها ومن خلالها الدولة السورية وأجهزتها الأمنية والحكومية مع الاعتصامات والتظاهرات التي شهدتها مدن الساحل السوري مفوتة الفرصة على المتربصين شراً بسوريا، وبكل الذين يحاولون العزف الناشذ على وتر المناطقية والتفرقة، وتصوير حال السوريين على أنهم طوائف وأثنيات متناحرة يمكن جرهم بسهولة إلى مستنقع التناقض والتنابذ والبغضاء.
الحكمة التي تعاملت فيها الدولة انطلقت من الاعتراف بحق التظاهر السلمي، وبحرية التعبير دون أن يؤدي ذلك إلى المساس بوحدة المجتمع، وأن يبقى تحت سقف القانون والنظام، ولا يتحول إلى فوضى تقوض الأمن المجتمعي وتزعزع الاستقرار، وتخدم أجندات خارجية مشبوهة.
ماحصل يعطي مؤشراً على قدرة العقل الوطني السياسي الثري والمنفتح على ابتكار وإبداع لغته الذاتية المؤسسة لمستقبل أفضل وأقرب إلى كل المواطنين وتطلعاتهم وحاجاتهم وهمومهم وهواجسهم، وأن هذا العقل ينحو في حراكه وفق منهجية علمية توظف كل الأشياء، وتتابع كل الوقائع والأحداث من منظور وطني جامع تضيق فيه ردات الفعل لتصل حد التلاشي.
الاحتجاج الذي حصل لايمكن قراءته بعيداً عن أجندات خارجية مشبوهة ومدانة تحاول توظيفه لخدمة أهدافها في تفتيت وحدة الشعب.
لا نعتقد أن أحداً من السوريين يريد شراً ببلاده، ونحن بدورنا في الإعلام نرى أن بلادنا تحتاج اليوم إلى تعزيز مشروع يفضي إلى حوار بناء ومشاركة فاعلة تتبنى هواجس الجميع وفق رؤية وطنية جامعة توحد الصفوف حول عناوين وطنية تكون بمثابة عقد اجتماعي جديد ينطلق من مفهوم المواطنة، حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات.
بطبيعة الحال فإن السوريين المؤمنين بوطنهم يتابعون إيقاع النشاط اليومي، وينظرون بعيون الأمل إلى مسيرة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتسارعة، فإرادة الشعب هي المنتصرة أما الحاقدون والمنفذون لأجندات الخارج المشبوهة فلهم الخزي والعار.