الوحدة – د. رفيف هلال
يخوض الكاتب والقاص السوري عدي الزعبي تجربته الأولى في أدب الرحلات من خلال كتابه الجديد “الظلال المتنقّلة”، بعد أن اعتاد القرّاء معرفته كواحد من أبرز الأصوات الأدبية السورية المعاصرة في مجال القصة القصيرة والمقالة.
الكتاب الصادر حديثاً عن دار مرفأ للثقافة والنشر في بيروت يضم سبعة فصول تقع في 143 صفحة من القطع المتوسط، ويوثق رحلات قام بها الزعبي قبيل سقوط النظام البائد، لتشكّل هذه التجربة منعطفاً جديداً في مساره الإبداعي.
وفي تصريح لسانا، يؤكد الزعبي أن الرحلة التي يتناولها في الكتاب، وتحديداً إلى المناطق التركية المجاورة لسوريا قبل شهرين من سقوط النظام البائد، لم تكن مجرد انتقال جغرافي. ويقول: إنها كانت “مغامرة على حافة التاريخ” وحواراً صامتاً مع وطن مبتعد، مشيراً إلى تأثره بتجربة المؤرخ أسامة بن منقذ في القرن الثاني عشر وتشابك الأسئلة بين الاغتراب والهوية لدى كلّ منهما.
ويرى الزعبي أن ثمة نقاط التقاء واضحة تجمع رحلته برحلات ابن منقذ، سواء في خط السير الممتد عبر جنوب تركيا ومنطقة الجزيرة العليا، أو في معايشة ظروف الحروب الطويلة.
ويشرح الزعبي أن كتابه يقدّم ثلاث مقاربات للعلاقة بين الواقع والأدب: مدن يكتب عنها بنصوص ممتدة، وأخرى يدوّن عنها يوميات، وثالثة يرصدها بمقاطع قصيرة تستقي مادتها من تفاصيل صغيرة لفتت انتباهه.
ويؤكد أن “الظلال المتنقلة” بقي مشروعاً مفتوحاً بلا أجوبة حاسمة، واستمراراً لخط إبداعي يستكشف المنفى ويجاور الحرب دون أن يدّعي امتلاك تفسير نهائي لما يعيشه الإنسان خلالها.
ويمثّل الكتاب إضافة نوعية إلى أدب الرحلة العربي، فاتحاً المجال لقراءات جديدة في التاريخ والهوية، ومُظهِراً كيف يستطيع الأدب أن يبني جسوراً بين الماضي والحاضر، وبين التجربة الفردية والذاكرة الجماعية.