الوحدة – هدى سلوم
على وليمة ألوان الفنان التشكيلي سموقان ترنو الأنظار ولا تشبع من صخب حياة وشغف قلب لا يهدأ .
في لوحاته مؤخراً كما قال: رأى في البشر أشجاراً، أو في الأشجار بشراً ومخلوقات أسطورية، رسم البشر وهم يتراكضون ويرقصون في دوائر، هم نحيلو القامة، أجسادهم رشيقة كرشاقة البعل، بعضهم يرتكز على الأرض، وبعضهم يطير في السماء، التي يتغير لونها من لوحة إلى لوحة أخرى، لأنها دوماً تتهيأ لاستقبال قادمين جدد، هي بسط مزركشة بكل الألوان، وتزرقّ أحياناً حين يختفي رأس متطاول أبيض بين الغيوم، فتصبح الغيوم رؤوساً لبشر وحيوانات وأهلّة آخرون لهم نفس القامة، محمّلون بخصوبة الأرض، يتجمعون على مائدة.
وأضاف سموقان: حول ورقة شجر أطلق اسم العشاء الأول على هذا التجمع، لأنه كما يقول: بداية الحملة لحماية البيئة، حمايتها من الحرائق ومن نيران عدوّة، من الذين يدوسوها فيلوثوها، ومن الذين يأكلون ويرقصون تحتها فيلوثوها، ومن الذين يرسمون أشجارها فلا يحسنون الرسم فيلوثوها .
الشاعر والناقد البلجيكي دوكوبو يجد في أعمال سموقان ولوحاته كما يقول: سحر أحلام شاغال، تعويذات ليونور فيني السريالية، يصدم الزائر مباشرة بهذه المراجع العليا، ولكن إذا كنت تلقائياً لتنظر عن قرب، فأنت مصدوم تخضع حتى من جانب الفنان السوري الرائع الملتهب المذهل، بكل شيء هناك اندماج ملحوم بالنار، يمكنك أن تشعر بشغف التبادل، لهفة الخلق، العودة إلى الفريد، إلى موطن الأصل العظيم، نحن نخفق بعيداً في موكب سماوي، حيث تشارك الكائنات الحية، سواء إنسان أو حيوان في وليمة من الحواس والأشكال، الأصوات والأغاني، الكلمات والهمسات، تظهر وتنفجر، أمام أعيننا رقصة رائعة من الشخصيات والعناصر والأشكال والألوان والأسطح المتوهجة والمجلدات الضوئية والهواء، ولكن لم يبق شيء للصدفة في هذه الغابة من العجائب، إتقان مطلق، انسجام نابض بالحياة بين كل إيماءات وأصوات العالم، كما في نسيج حي واسع، متحركة بأمور مضاعفة وإيماءات لا نهاية لها.
