العدد: 9420
الأحد-8-9-2019
ازدادت في الآونة الأخيرة أعداد الفرق المسرحية الخاصة في محافظة اللاذقية، للكبار أو الصغار، التي يخضع أعضاؤها لدورات تدريبية في مجالات التمثيل أو الإخراج أو الرقص، منها ما تكون على أيدي أكاديميين مختصين ومنها ما تكون على أيادٍ غير أكاديمية وهذه غير الأكاديمية منها ما هو صاحب تجربة وخبرة وموهبة وله باع طويل في هذا المجال، ومنها على أيادي أشخاص موهوبة وشابة كانت خضعت بدورها لدورات في مجالات إعداد الممثل أو الإخراج، والسؤال هنا هل تسيء الفرق المسرحية الشابة اليوم إلى المسار المسرحي أم أنها على العكس تماماً تدعم المسرح وتضخ دماً جديداً من خلال استقطاب مواهب شابة، وبذات الوقت إضفاء نكهة جديدة وروح جديدة على الحركة المسرحية في اللاذقية؟ فيما يأتي إجابات على أسئلتنا.
* د. محمد بصل:
يظن بعضهم أن ظاهرة انتشار الفرق الفنية بعامة، والمسرحية بخاصة، في زمن الحروب والأزمات والاضطرابات هي ظاهرة جديدة أو غريبة، بالعكس تماماً، فإنّ هذه الظاهرة تزدهر في هكذا ظروف وهي معروفة قديماً وحديثاً، يكفي أن نذكر هاهنا انتشار الفرق الجوّالة في إسبانيا إبان الحرب الأهلية، وتصاعد نشاط الفرق المسرحية الخاصة في فرنسا أثناء أحداث 1968 أو ما يعرف بثورة الطلبة آنذاك، وبالتالي فإنه يجب أن نتعامل مع هذا الموضوع بجديّة وعمق، ونبتعد عن إطلاق الأحكام الصارمة والحاسمة، أو تقديم الآراء الانطباعية والانفعالية التي لن تغني موضوعنا البتة.
إن الحديث عن الفرق المسرحية الهاوية التي انتشرت في الآونة الأخيرة في اللاذقية له شجونه، إذ إن ليس كل ما تقدّمه هذه الفرق على مستوى فني وفكري واحد، وليس كل من يعمل في تأسيس هذه الفرق وإدارة أنشطتها يرتقي ليكون فاعلاً مؤثراً إيجابياً في إنتاج ما هو مفيد ومثمر في هذا السياق، ولعلّ بعضهم نحا هذا المنحى بقصد المنفعة الشخصية ليس غير، ظنّاً منه أنه قادر على استقطاب الشباب في دورات تدريبية يجني منها الأرباح على طريقة معاهد التعليم المتكاثرة كالسرطان هذه الأيام.. ومعظمها من أجل الريع المادي، ولكن ليس كلّ من يساهم في هذه الفرق وهذه الدورات يسعى إلى مغنم ماديّ بالتأكيد، وإنمّا هناك من يؤمن بالدور الطليعي الذي يلعبه المسرح في حياة المجتمعات وعلينا أن نشجع هؤلاء ونشدّ على أياديهم ونرعاهم وندعمهم مادّياً ومعنوياً، وذلك لدورهم التوعوي في المجتمع في المحصلة، يجب على المؤسسات ذات الصلة أن تضع المعايير العلمية والموضوعية وأشدد على العلّمية والموضوعيّة في قبول هذه الفرق وإشهارها، ومتابعة القائمين على إنشاء الدورات التدريبية في مجال التمثيل والإخراج وفن الديكور والسينوغرافيا وكتابة النص المسرحي، حتى لا يكون في هذه الدورات سوى المختّصين وأصحاب المؤهلات العلمية والذين لهم باع طويل في هذا المجال.
* الفنان حسين عباس مدير المسرح القومي ورئيس نقابة فناني اللاذقية:
من مشاريعنا في نقابة الفنانين أو في المسرح القومي، دعم الشباب وضخ دماء فنيّة جديدة، فذلك ضرورة أي عمل يقتضي التطوير، ولأن ثقتنا كبيرة بالشباب وطاقاتهم ومواهبهم، وبالنسبة لموضوع الفرق المسرحيّة الشابة وجود أخطاء في آلية العمل لا يلغي أن ضمن هذه الفرق مواهب هامة، ولكن عليها العمل بمثابرة وجديّة. وبالنسبة للدورات هناك جهات أكاديمية حاصلة على الترخيص، وهناك جهات خاصة تعمل تحت جناح نادٍ مرخص لغايات الرسم أو الغناء أو الموسيقا وفجأة نراها تقوم لدورات إعداد ممثل أو إخراج، وهنا على الجهات المعنيّة تنظيم هذه المسألة، المهم برأيي النتيجة لاشك أن ما نراه على الساحة المسرحيّة ليس بسويّة فنيّة واحدة هناك تفاوت ككل أمر أو قضيّة في هذه الحياة، وفي هذا التفاوت حالة صحية، فليس على الجميع أن يكونوا بسويّة واحدة، وفي الفنّ تحديداً هناك مواهب من دون دراسة أكاديمية، نحن هنا لا نقلل من أهميّة الدراسة الأكاديمية عندما تترافق مع الموهبة أو الأكاديمي الذي يوّجه المواهب طبعاً وجود خبرات أكاديمية أفضل، ولكن الموهوب في النهاية وخاصة بالفن، على خلاف العلم، هو من يفرض نفسه على الفن وعلى الجمهور الفن يفرز ويغربل. ولا أنكر أيضاً أن الجهات التي تقوم بالدورات لها هدف تجاري ربحي، آخذين بعين الاعتبار حب الشباب للتمثيل وتهافتهم عليه بدافع شخصي أو حتى بدافع من أهاليهم الذين يرون فيهم مواهب مستقبلية واعدة المسألة برأيي هي بالموهبة الحقيقية التي لابدّ ان تصل ليكون الجمهور هو الحكم الذي يقدر أن يفرز الصالح من الطالح، ولابد من تنظيم آلية الدورات التدريبية بتضافر جميع جهود المعنيين في هذا المجال، لإعطاء أفضل النتائج.
* غربة مريشة، فرقة إليسار المسرحية:
أنا في فرقة إليسار المسرحية منذ عام 2014، وشاركت لغاية اليوم في (15) عملاً مسرحياً مع المسرح القومي مع الفرقة، وبرأيي الشخصي أن للدورات التدريبية وورشات العمل أثرها الكبير على الشاب أو الشابة المقبلة على التمثيل المسرحي ولكن على الشخصي الذي يتدرب في مراكز ومعاهد التمثيل أن يكون قادراً على تطوير نفسه أيضاً من تلقاء ذاته، عبر متابعة الأعمال المسرحية على أنواعها والتعامل مع أشخاص منوّعين في هذا المجال وتثقيف نفسه مسرحياً، وأقولها بصراحة ليس كل من يتخرج من هذه المعاهد أو الدورات بالضرورة أن يصبح ممثلاً فذاً هناك عوامل مختلفة على نجاح الخريج في أن يصبح ممثلاً منها مصداقية تلك المعاهد والمسؤولين عنها، ومصداقية الشخص مع نفسه، وقدرته على تطوير أدواته مع كل يوم جديد، لا أن يعتمد على علاقات اجتماعية ليعمل رغماً عن الخشبة، لأنه حينئذٍ سيُطْرَدْ عن هذه الخشبة يوماً ما.
* جعفر درويش، من فرقة إليسار المسرحية:
خضعت لدورة إعداد ممثل لمدة 4أشهر، وأنا عضو بالفرقة من عام 2012 ومثلّت في (18) عملاً مسرحياً، ولا زلت أتعلم، الدورة تعلّم أساسيات المسرح والتمثيل، وهي كخطوة أولى لابد منها لأن لها أهميتها للأشخاص الموهوبين ويريدون صعود الدرجة الأولى من السلّم،
والذين منعتهم ظروفهم من الدراسة الأكاديمية لا شك أن للدورات إيجابيّات وخاصة عندما تكون على أيدي خبرات أكاديمية مختصة، ولكن على الممثل أن يصقل موهبته ويجتهد ويثابر على مقدراته، لأن الدراسة حتى ولو كانت أكاديمية لا تكفي في ظلّ عدم وجود موهبة حقيقية، والموهبة بلا عمل وجهد ومثابرة واكتساب خبرة أيضاً لا نفع لها.
مهى الشريقي