الوحدة – د. رفيف هلال
يظن كثير من الآباء أن إنجاب طفل واحد يعني حياة أكثر هدوءاً وسهولة في التربية، لكن الواقع يُظهر أن تربية الطفل الوحيد تحتاج وعياً تربوياً عميقاً، لأنها تجربة لها خصوصية كبيرة تمسّ وجدان الطفل وتؤثر في تكوين شخصيته المستقبلية.
توضح الباحثة في الإرشاد الاجتماعي السيدة ليلى أن أكثر ما يهدد توازن شخصية الطفل الوحيد هو الإفراط في الحماية أو في الدلال، فالطفل الذي ينشأ في بيئة تمنحه كل ما يرغب، قد يجد صعوبة لاحقاً في التعامل مع الإحباط أو تقبّل الرفض، لذلك، من المهم أن يتعامل الوالدان مع الطفل الوحيد كما يتعاملان مع أي طفل آخر: محبة بحدود، ورعاية دون إفراط.
وتضيف ليلى: إن الطفل الوحيد مرآة لمحيطه، فإذا أحاطه الكبار بالتوازن والهدوء والقدوة الصالحة، نشأ سوياً، قادراً على التفاعل الإيجابي مع العالم الخارجي.
أما المرشدة النفسية السيدة سحر فترى أن الوحدة التي يعيشها الطفل الوحيد ليست بالضرورة سلبية، بل يمكن أن تكون مصدراً للإبداع، فالكثير من الأطفال الوحيدين يمتلكون خيالاً خصباً، وميولاً فنية أو فكرية مميزة.
وتقول سحر: حين لا يجد الطفل من يشاركه اللعب، يبدأ بابتكار عالمه الخاص، فيخترع شخصيات خيالية ويبتكر القصص، وهذه العملية الذهنية تعزز لديه مهارات التفكير الإبداعي وحل المشكلات.
لكنها تؤكد أن هذا الإبداع يحتاج إلى بيئة محفزة فدور الوالدين هو توفير فرص للتفاعل الواقعي مع الآخرين كي لا يبقى الطفل حبيس عالمه الخيالي.
وتشير المرشدة الاجتماعية السيدة بتول إلى أن أهم ما يحتاجه الطفل الوحيد هو تعلم المشاركة، فغياب الإخوة قد يجعله أكثر تمركزاً حول ذاته، وهو ما يجب موازنته عبر التدريب المستمر على التعاون والتعاطف.
وتقترح بتول وسائل بسيطة لذلك، مثل تشجيعه على اللعب الجماعي، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وسرد القصص التي تُبرز قيمة الإيثار ومساعدة الآخرين.
تصفح المزيد..