الوحدة- د. رفيف هلال
تُعدّ مرحلة دخول الطفل إلى المدرسة من أكثر المراحل حساسية في حياته، إذ ينتقل فيها من عالم اللعب والحرية إلى بيئة جديدة لها نظامها وقوانينها، ورغم أن هذه التجربة ضرورية لنموه وتطوّره، إلا أن كثيراً من الأطفال يشعرون بالخوف أو النفور في البداية، هنا نستعرض تجارب ثلاث أمهات مثقفات، قدّمن لنا طرقاً عملية ساعدتهن في جعل المدرسة تجربة إيجابية لأطفالهن.
تقول السيدة إيمان وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية تعلمتُ من تجربتي أن فهم نفسية الطفل هو المفتاح الأول لتقبله المدرسة، قرأتُ كتباً في علم نفس الطفل، ووجدت أن لكل عمر احتياجاته الخاصة، لذلك حرصتُ على أن يمر أطفالي بمرحلة الروضة قبل المدرسة، لتكون بمثابة الجسر الذي يربط بين اللعب والتعليم، الروضة كانت بيئة مفعمة بالألوان والأنشطة، مما ساعدهم على حب التعلّم من خلال المتعة، لا من خلال الإلزام.
وترى إيمان أن تهيئة الطفل نفسياً قبل المدرسة لا تقل أهمية عن تعليمه القراءة والكتابة، فالأمان العاطفي هو ما يجعل الطفل منفتحاً ومستعداً لتجارب جديدة.
تروي الطبيبة ليلى تجربتها قائلة: كان ابني الوحيد يعاني من خوف شديد في أيامه الأولى في المدرسة، كان يبكي كل صباح ويرفض الذهاب، لم أُجبره، بل قررتُ أن أتعامل مع الموقف بصبر واحتواء، كنتُ أرافقه في الصباح وأقضي بعض الوقت معه في الصف، لأمنحه شعور الأمان، ومع مرور الأيام، بدأ يطمئن تدريجياً ويُقبل على المدرسة دون خوف.
وتضيف ليلى: الحوار مع الطفل مهم جداً، كنتُ أتحدث معه بهدوء عن سبب خوفه، وأؤكد له أن مشاعره طبيعية، الثقة لا تُزرع في يوم واحد، بل تنمو بالمحبة والتفهم.
أما السيدة ريم وهي أم لثلاثة أطفال، فتنظر إلى المدرسة كمرحلة تأسيسية في بناء شخصية الطفل، تقول: كنتُ حريصة على ألا يسمع أطفالي أي تذمّر أو شكوى عن المدرسة داخل المنزل، كنتُ أصفها لهم كمكان مليء بالأصدقاء والأنشطة الممتعة والرسم والألعاب، فالصورة التي تتشكل في خيال الطفل عن المدرسة تبدأ من حديث الوالدين عنها.
وتضيف ريم: تواصلي المستمر مع معلمات أطفالي ساعدني كثيراً في دعمهم، كنتُ أتابع تقدمهم، وأعمل معهم على نقاط ضعفهم، كما خصصتُ نصف ساعة يومياً للحديث عن يومهم الدراسي، لأستمع لما يسعدهم أو يزعجهم، هذا الحوار العائلي كان كافياً لإزالة أي توتر، وتختم ريم نصيحتها قائلة: اصطحاب الأهل للطفل في ذهابه وعودته من المدرسة في الأيام الأولى يمنحه شعوراً بالأمان، ويقوّي ثقته بنفسه، ويجعله ينظر إلى المدرسة كمكان آمن ومحبّب.
إنّ تقبُّل الطفل للمدرسة لا يأتي بالقوة أو الإكراه، بل بالحب، والفهم، والصبر، فحين يرى الطفل في والديه دعماً واهتماماً حقيقيين، يتحول الخوف إلى حماس، والرفض إلى رغبة في التعلم والاكتشاف.
تصفح المزيد..