العــــــــــــــدد 9288
الأحــــــــد 10 شـــباط 2019
الكتابةُ هاجسٌ، والحَصَاد جاء قبل أوانه، وقبل أن تمتلئَ سلاسل الحكايةِ، رحلت يا أنيس علي إبراهيم.. بروحك باقة من سلام..
(من أجل أغنية فقط) لملمت الريحُ صوتَ الطواحين، بهيةً كانت طلعةُ الحكاية،
بين يديك طائرُ الحبق، والكرومُ موعدُها القطافُ، صارت التفاحةُ زهرةً، والعناقيدُ تقاسمتها العصافيرُ، (حمدان يرثي، حمدان)، وأرضُ الديس مقفرةٌ، والمدى عبقُ الشهداء..
حمدانُ يرثي العصافيرً، أم روحهُ؟ للبحر آلهةٌ، ولك ما تشتهي من نبيذ الكروم،
ومرّ الأولياءُ شهيداً تلوَ شهيد، مثلكَ جاؤوا من طين السغب..
دمُ العصافير مبعثرٌ في الحقول، ووحدها الأغاني تسخرُ من طيش الرصاص،
الحربُ (لملمات) لم ينته منها عبثُ الأولياء الماجدين، الدفء في الأثافي، وما من حطبٍ نوقُدهُ لنبعثَ في أرواحهم الصغيرة دفءَ الحكاية..
هذيِ جِمارُكَ، فخذها للبيوت الباردة، وأشعل الروحَ في الأثافي، الصغارُ يرقبون الخبزَ الشهيَ من طاحونة الماء..
عفواً أنيس، (الطاحونة) توقفتْ، وما من طحينِ، والحربُ دارت رَحاها، وبعدك من يغسل بالدمع زهرةَ التفاح؟ من يقلمُ زيتونةَ السفحِ؟ ومن يسوّي الرعوش متكأً للدالية؟..
عفواً أنيس، للحرب زمنٌ، زمنُ الحرب لم يولَ ظهره، و(أرض الديس) تصحو على زغردات الأمهات..
هم الطّيبونَ وعولٌ، والضباعُ على الثغور، لم تنتهِ الحرب، (طقوسُ التعّري) تؤديها المجاهداتُ للصاعدين إلى أيكة عرَضُها الزرقةُ الفارهة..
لم تنته الحربُ، والصيفُ يدحرج الجمَارَ للبيادر، تولولُ ذات الخمار، فينكسرُ درجُ الشقائق..
هو الصيفُ سربٌ من قبّراتِ روحك، طار غيمُ أيلول، ولم تعد القبراتُ، بعثرت الريحُ السنابلَ على دربٍ (مجدلون البستان).
خوى الدربُ، والأنَّا من أجل أغنيةٍ قُتلنا، ضجرنا من الحرب، طارت النوارسُ، يبست أزاهيرُ الحبّ، والدربُ إلى مجدلون البستان بدا خاوياً من صوتك.
لماذا ابتعدت يا أنيس علي إبراهيم؟ وها نحن اقتربنا، في حضرة الذكرى أقول لك:
وداعاً يا صديقي أنيس علي إبراهيم ولروحك المبدعة السلام.
بديع صقور