حساسية الصوت مشكلة عصرية

الوحدة – لمي معروف
قد يصحو إنسان من نومه ذات يوم ليجد وكأن جميع الأصوات التي اعتادها في حياته، مثل خرير المياه ونقر الأقدام على الأرض ورنين الهاتف قد تحولت إلى ضجيج مزعج يصم الآذان وينغص عليه حياته، وكأن ظاهرة أدت إلى رفع تلك الأصوات عن مستوياتها المعتادة، ونتيجة لهذا الوضع قد لا يجد هذا الشخص مفراً سوى الهروب إلى مكان يحميه من ذلك الضجيج الذي يلاحقه أينما حل.
إن هذه الحالة ليست من نسج الخيال أو سيناريو لفيلم مرعب، بل متلازمة مرضية تصيب ملايين البشر، وتعرف باسم الحساسية المفرطة للصوت، وقد تتراوح مستويات الإصابة بين حد الإزعاج والمعاناة الشديدة التي لا يمكن تحملها، والأشخاص الذين يصابون بهذه المشكلة لا يتمتعون بقدرات سمعية خارقة تفوق الناس العاديين، ولكنهم يستقبلون ذبذبات الصوت بمستوى أعلى من الطريقة المعتادة، في الوقت الذي يمكن فيه للشخص العادي أن يتحمل أي صوت فإن الأشخاص المصابين بمتلازمة الحساسية المفرطة للصوت لا يمكنهم تحمل أي صوت يزيد عن حوار عادي هادئ، لذا فإن أي صوت يرتفع عن هذا المستوى يمكن أن يسمعه هذا الشخص مثل إطلاق الرصاص، ومن الغريب في أمر هذه المتلازمة أن المصابين بها يمكن أن يشعروا بالانزعاج حتى من أصواتهم.
وعلى الرغم من الدراسات الكثيرة التي أجريت حول هذه المشكلة لم يعثروا على نتائج قاطعة، ولكنهم يعتقدون أن تعرض الإنسان لمستويات عالية من الضجيج يمكن أن يكون سبباً مباشراً للمشكلة، وفضلاً عن ذلك وجد الباحثون أن بعض المصابين سبق لهم التعرض لإصابات خطيرة في الرأس، كما أن المصابين بالتوحد يكونون أكثر عرضة من غيرهم.
وفي ضوء هذه النتائج غير المؤكدة يدرس الباحثون ما إذا كانت هذه المشكلة ناجمة أصلاً عن خلل هيكلي في أحد أجزاء الأذن، أم أنها تعود إلى عطب ما في الدماغ يحول دون تفسير الأصوات العادية بطريقة غير دقيقة.
وفي ظل غياب سوء تشخيص المشكلة والتعامل معها ضمن الأمراض النفسية، سيبقى المرضى يعيشون في عزلة تامة في منأى عن الأصوات التي تنغص عليهم حياتهم، فضلاً عن معاناتهم الحرمان من حياة اجتماعية هادئة وظروف البطالة، وما يسببه ذلك من قلق دائم.
ومن بين الأساليب العلاجية الناجحة ما يعرف باسم “الصوت الوردي” وهو عبارة عن طيف صوتي يتم فيه خفض مدى الصوت وزيادة تردده، وبذلك تصبح النغمات المنخفضة أعلى من النغمات المرتفعة أصلاً،
وتعد هذه الطريقة نموذجاً جيداً،
وعندما يعتاد المصابون بالمتلازمة يمكنهم تحمل الأصوات الأخرى في الحياة اليومية.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار