الوحدة – يمامة ابراهيم
أن يزيد عدد زوار معرض دمشق الدولي عن ٧٥٠ ألف زائر في الأيام الخمسة الأولى، فهذا مؤشر على نجاح المعرض من حيث الكم، وأن يتعدى عدد الدول المشاركة ٢٠ دولة وعدد الشركات ٨٠٠ شركة فهذا نجاح من حيث النوع.
إذاً نحن أمام نجاح في الكم والنوع وأمام حدث يستحق التوقف والتأمل والبناء على مخرجات المعرض التي من المأمول أن تغير خارطة الاستثمار في سوريا، وتزيد من وتيرة وسرعة تدفق المستثمرين ومن هذه الزاوية يمكن القول: نجح المعرض في نقل سوريا إلى العالم.
لن نتحدث عن تدفق الزوار الذي تنقله لنا عدسات المصورين، ولا عن دقة التنظيم رغم أهمية ذلك، فالحدث بأبعاده الاقتصادية والثقافية أبعد وأهم بكثير على اعتباره منصة قياس لاتجاهات الأسواق المحلية والإقليمية، ومؤشر على اهتمامات ومزاج المستهلكين والمنتجين معاً.
تسابقت الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة لحجز أجنحة لها في أروقة المعرض، وكذلك شركات عالمية لها سمعتها وبخاصة في مجالي الغذاء والتكنولوجيا لكن المشاركات المحلية تميزت بأناقة العرض وكثرة الزائرين، وهذه الزيارات لم تكن بدافع الفضول وحب الاطلاع فقط بل برغبة المعرفة والاكتشاف والانخراط في الأعمال والإحاطة بتجارب الآخرين.
ما يمكن البناء عليه أن المعرض يشكل قاعدة بيانات تحدد فيما بعد اتجاهات السوق والاقتصاد من خلال استحواذ بعض الأجنحة على أكبر قدر من الزوار.
اللافت ومن خلال التقارير الإخبارية واستطلاعات الرأي أن جناحي الغذائيات والتكنولوجيا تصدرا قائمة الاهتمام سواء من حيث الإقبال أو من حيث المشاركات المحلية والخارجية.
استطلاعات الرأي هنا على قدر عال من الأهمية، فالغذائيات ترتبط مباشرة بحياة الناس وتوفرها وتحقيق السرعة في تسويقها يعدّ ميداناً تنافسياً للمنتجين وكذا الأمر بالنسبة لشركات التكنولوجيا، وهنا تتجلى أهمية قواعد البيانات التي ذكرناها آنفاً في معرفة مزاج الجمهور واحتياجات السوق.
المعرض ليس مجرد واجهة لعرض المنتجات وتسويقها وتعريف الجمهور بها، وليس ملتقى للعالم بما يجود به من منتجات يعتبرها تنافسية، فالسلعة هنا لا تكمن أهميتها بقدرتها التنافسية بل يمكن أن تحمل قيمة مضافة تعبّر عن حضارة شعب وثقافة أمة وعراقة وتميز الصناعة، وكلها قيم مضافة لايمكن تجاهلها لذا فالمعرض ليس فسحة عرض فقط، وإنما ملتقى ثقافات وحضارات أيضاً على أرض دمشق الطيبة والرهان هو: كيف لنا أن نحوّل هذا الزخم الموسمي من مجرد عرض للمنتجات إلى محفزات اقتصادية وثقافية…؟! وهذا ماننتظر تحقيقه.