الوحدة 29-1-2025
الأسواق عامرة بكل ما لذّ وطاب، وبألوان وأشكال، لطالما حلمنا بها منذ سنوات ولت ببؤس وجوع وفقر، إذ كانت “كمشة الموالح” بالآلاف وباقي الطيبات بأضعاف، لنحجم عنها ونلجم أنفسنا وأولادنا عنها الذين رددنا على مسامعهم طويلاً (غداًستفرج ونأتي بكل ما تشتهون)، واليوم هي أمام مرأى كنوز بأكوام لكن الجيوب خالية، وقد أفرغت من أول الشهر لنعود لأول السطر “مصاري ما في”.
في جولتنا بأسواق شيدت لها الأرصفة والساحات وكل زاوية خارج المحلات والدكاكين التي لم يعد يدخلها غير بعض المقربين، وبات أصحابها في تكديس وتعتير، وأصحابها باتوا منادين للغادي والبادي فيهم مستنجدين (اليوم بسعر الجملة).
ولا من مجيب، لكن أصحاب البضاعة خارج هذه الأكواخ والدكاكين هم عال العال، وبضائعهم في إنفاق، حيث الأسعار بتخفيضات يستغربها الناس ليكونوا لها مقبلين ومدبرين، وآخرون عازفون بقليل لأسباب أغلبها قلة الحيلة ونقص المال.
السيدة رباب أشارت إلى أنها أفلست من شراء بعض لوازم بيتها من أول الشهر، فكل ما في السوق تحتاجه، لكن (العين بصيرة واليد قصيرة)، لتقول: بتنا في أواخر الشهر وشحت الفلوس في المحافظ والجيوب، حتى لنشتري الضروريات، إذ اشتريت في أول الشهر الصحون والكاسات، ولم يكن في مطبخي كأس من الشاي، فكان الأمر في تأجيل لسعير أسعارها، لتكون اليوم في أبخسها، وهو ما دفعني للشراء ولو على حساب المستهلكات اليومية والطعام، السوق اليوم غني وجميل.
الشابة آية طالبة جامعية والفرح يجلجل على وجهها – أشارت إلى أنها تقصد السوق يومياً لتمتع ناظريها بكل هذه الكنوز والطيبات التي تمتلئ بها بلدنا وأهلها، وتتساءل أين توارت كل هذه السنين هذه الخيرات.
السيد خليل ومن غربته وبؤسه قال: السوق يعج بالخيرات وفيه كل الأصناف من المأكولات، لكني عاجز عن الشراء.
فلم يعد لي راتب ولم أقبضه منذ شهرين، واليوم حسرة في قلبي وأبحث عن عمل، عليّ أن أعمل وأشتري لأهل بيتي كل ما يشتهون، لكن اليوم قصدت السوق بعد أن استدنت القليل من رفيق عمري وجبر بخاطري بدون سؤال، أريد أن أحمل لزوجتي كل ما في السوق، فكل شيء رخيص وجميل غير ما عند أصحاب المحلات في قريتي التي يستعرضونها بأضعاف.
هدى سلوم