الوحدة : 25-6-2024
كان يسير على دربٍ ترابيةٍ هي أشبه بالأمواج والطّواحين، وبدا جليّاً أن نجوم الظّهيرة سوداء داكنة، وإلا فلا أمنيات.
ما يلفت حقاً نظراته الثّاقبة يمنةً وشمالاً، وكأن الأرض كتاب مفتوحٌ للقراءة، وهمّه أن يجد شيئاً ثميناً!
قال بصوت مسموعٍ: ماذا لو وجدت مالاً يكفيني؟
وهنا أشرقت أساريره بأحلامٍ يكاد يلمسها، ومشاريع تصطاد وتملأ.
فجأةً يعدّل المبلغ، فالقليل يكفي، إلا إذا حظي بعقدٍ ذهبيّ تمرّد على جيدها وهي تستعجل أمراً ما فسقط منها.
يا لسعادتي حين يفرّ حبل غسيل من إحدى الشرفات ويقع أمامي، فأكتسي كما الطبيعة ترتدي فصولها. هكذا كان يردّد إلى أن تمنّى لو يلتقي بصديق قديمٍ، لكنّ القديم صار جديداً، وابتعد إلى حيث ينتظر مبلغ التحويل الذي سيضيء جيوبه المعتمة.
لم يبق له سوى اللقاء بفتاةٍ يحبها من النظرة الأولى، وعلى الأخصّ حين يحمل لها زهرةً يقطفها من خلف ذلك السّور.
صارت الزهرة بيده، لكنّه لم يجد صاحبتها، وذبلت مع نهاية دربه.
في البيت: راح يمزّق الكتب والروايات، ويشتم أبطالها، ثم تجنّب الجلوس قرب صورة (كازانوفا) المعلقة على الجدار. تململ أكثر وأحسّ البيت حديقةً عامة مسلوبة.. النظرات من قبل آخرين سبقوه.
تلفّت ليتناول نظرات (المنفلوطي) وقد مات فيها، ثمّ ألقاها من النافذة، وألقى معها نظرته الأولى، وقد أصابت شبحاً أسودَ، ربّما يكون النهاية الأولى والأخيرة.
سميرعوض