الوحدة: ١٠-٥-٢٠٢٤
مؤشري الصحي المرتفع بالتفاؤل، والعلاقات الاجتماعية الخالية من المنغصات، لم تتركني أشعر بتقدم السن.
قبل مدة قليلة، رحت أستذكر المعارف والأصدقاء الذين غيّبهم الموت أو السفر أو المرض، مما دفعني للوقوف أمام المرآة أتأمل ملامحي، وأضع فوقها سنواتي التي عشت.
لأول مرة أكتشف أنني على مشارف السبعين، لم أنم ليلتها، ولم أتناول طعامي المعتاد. تغيّر كل شيء مثل قطار خرج عن مساره، شعرت وأنني مطالب بأشياء مغايرة أصطحبها لآخر محطة من عمري.
كان جرس إنذار لا يتوقف، فاختلط صوت المنبه مع الهاتف الذكي مع الطرق على الباب كل لحظة.
دخلت المسجد، ولم أخرج منه إلا بعد اعتذار خادمه الذي تأخر عن موعد الإغلاق بسببي، كذلك منزلي وحجراته، فقد تركت لكل ركن فيه أثراً مزعجاً يدعو للتذمر.
لم يكن الشارع في منأىً مما أنا فيه، فصرت أتدخل وأناقش أكثر من اللازم ومن دون سبب واضح؟!
وجدت نفسي داخل حافلة متجهة إلى قرية ليست بالبعيدة، لم أكمل رحلتي بل ترجلت في منتصفها، وأنا في حال من الإلحاح الداخلي على العودة أدراجي للمدينة، وما إن عدت حتى غطتني غشاوة سميكة من وهن شديد، وعلى وجه السرعة تم نقلي للمشفى وأنا أردد: أنا لست أنا، بل السبعيني الذي سيتوقف عنده كل شيء.
كنت فعلاً مثل كرةً دخلت المرمى وانتهت المباراة.
أما المدرجات فما هي سوى أمواج تتساقط وتنسكب بالسنين من فوقي، فتضيف لعمري السبعيني أعواماً جديدة أخرى، فأتذكر قول الشاعر:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعشْ
ثمانين حولاً لا أبالك يسأمِ.
سمير عوض
تصفح المزيد..