الوحدة 24-2-2024
على مدار سنوات طويلة كان التّلفاز الشّغل الشاغل للناس، وجليس أوقاتهم الطويلة، وأنيس سهراتهم.
ينتظرون من تلك الشاشة الفضية آخر الأخبار و برامج التسلية، والفرح وبعضاً من موارد الثقافة، والتنوير.
كان أهم عنصر من عناصر ما يسمّى جهاز العروس قبيل العرس.
بالرغم من تأثر المحطة الإعلامية بأفكار و سياسة الممول الرسميّ أو المستتر لها، إلا إنه كان هناك حدّ أدنى للرقابة على المواد التلفزيونية المطروحة للمشاهدين.
وكانت هناك سوية مقبولة جداً للثقافات المنشورة على اختلاف اختصاصها.
على عكس الجو العام الذي أخذتنا إليه شبكة الإنترنت العنكبوتية هذه الأيام في ظلّ الحرية المشبوهة التي تحولت إلى فوضى، ربما تكون مقصودة في أحايين كثيرة بما يتم نشره من صرعات ترتدي ثوب الثقافة،والتطوير، والإعلام.
تعددت المنابر، بل تكاثرت بشكل سرطانيّ مع غياب الرقيب و الوازع الأخلاقي في ظل غياب شبه كامل لأدبيات العمل الإعلامي و الثقافي الراقي، و انحدار الذوق العام الجمعي للنّاس.
فإذا تجولنا على صفحات ما تسمّى جزافاً بصفحات التواصل الاجتماعي نجد سويات غير مناسبة ابتداء بالمحتوى الثقافي و المحتوى الديني مروراً بنشر محتويات غريبة عن ثقافتنا الشرقية، ومجتمعاتنا، وصولاً إلى البنية الأسرية و نشر وجهات نظر مشبوهة وافدة ، و الخارجة عن الإطار الأخلاقي العام الذي ميّز نبل و دفء تلك العلاقات عبر الماضي.
توقفوا عبر منابركم الدنيئة عن تعويم الجهل..
توقفوا عن دسّ السّم في الدسم..
توقفوا عن منح الأغبياء فرصة التعبير عن غبائهم و جهلهم لما فيه من تعكير للمزاج العام.
ارتقوا في كل كلمة أو منشور يتم بثه لعموم الناس.
ولتكن الكلمة كما كانت مسؤولية شديدة الأهمية.
لا بد من أن تكون هناك رقابة أخلاقية قبل أن تكون تخصصيّة و موضوعّية على كل كلمة أو حرف أو مقطع إعلامي.
التطور العلمي المحموم حوّل العالم إلى قرية صغيرة بالفعل و ما لذلك من حسنات كثيرة.
لكننا نتمنى أن تكون قرية رفيعة الأخلاق و راقية الثقافة تحت سقف إنساني حقيقيّ من التعاطي بين الثقافات و الأمزجة المختلفة في جو تحكمه الحرية المسؤولة.. اختلاف بلا خلاف.
نور محمّد حاتم