من نوارس اللاذقية في بلاد الاغتراب.. المغترب والمربي مازن توفيق زريق.. 40 عاماً من الاغتراب ومازالت اللاذقية عشقه الأبدي
الوحدة: 18-2-2024
ابن محافظة اللاذقية المقيم في مدينة أبوظبي منذ 40 عاماً الأستاذ المربي مازن توفيق زريق وُلد عام /1953/ في مدينة صافيتا، وانتقل مع أسرته إلى مصياف وهو في الأشهر الأولى، ودرس الابتدائية في مدرستها، حيث كانت والدته تعمل هناك معلمة، ورحل عنها نهائياً في خريف عام/1959/ بسبب وفاة والده، حيث انتقل بعدَها ليعيش في كنفِ بيت جده في بلدة الحفة حتى نيله الشهادة الثانوية الفرع الادبي عام/1971/.
ثم درس اللغة العربية وآدابها في جامعة اللاذقية، وتخرّج عام /1975/.
يقول السيد مازن:
“ولأنني وحيد، استخرجتُ جوازَ سفر وطرت به لأقصى الجنوب، في المغرب، في الصحراء الشاسعة، حيث كنت مدرساً، ولصعوبة الحياة فيها عدتُ أدراجي لبيتي الذي كان ينتظرني في اللاذقية، وبعدها سافرت لمدينة سالونيك في (اليونان)، حيث عملت على باخرة ضخمة تنقل السيارات من اليونان لمرفأ طرطوس دون المرور براً بتركيا، وتركت العمل بعد أشهر قليلة لأنني توجهت لأبوظبي عاصمة الإمارات عام /1979/ ومكثت فيها عاماً دون أن أعمل في وزارة التربية بسبب حقد أحدهم، وعدتُ إلى اللاذقية أحمل (خفي حنين) وحزناً كبيراً. تزوجت من زميلتي في الكلية، والتي كانت تنتظرني خلال سفري للمغرب وللإمارات، وأنجبت صبية (يمان)، وشاباً (توفيق)، تيمناً وإحياء لاسم والدي، بقي حلم السفر يراودني، وكنت أعمل في مدرستين الأولى حكومية (المالكي)، والثانية خاصة (الكلية الوطنية) وأدرّس طلاباً دروساً خصوصية، وأخرج من بيتي في السابعة صباحاً لأعود إليه في ساعة متأخرة من الليل”.
ويتابع الأستاذ زريق:
“وفي عام 1988 عدت من جديد إلى أبوظبي، ومازلت مسافراً في قطار العمر، ولكنني الآن أجلس في آخر عربة من هذا القطار الجامح الذي ينطلق بنا بسرعة نحو الضفة الآخرى من نهر الحياة، ولقد كتبت كلَّ مراحل حياتي في صفحتي، لأنني، وكلما لفحتني رياح الحنين للماضي الذي كان جميلاً، اسرع لتسجيل ذكرياتي الأثيرة، علها تخفف من برد وألم هذا الحنين، أكتب على صفحتي القصة القصيرة، وسيرتي الذاتية، وخواطري الأدبية، وأعشق الوطن متجسّدا بمعشوقتي (اللاذقية)، عروسة البحر الأزرق الحنون، وأعشق البحرَ، صديقي المخلص، وأحب فيروز كثيراً، لأنها رافقتنا منذ طفولتنا، وأتذكر كل أصدقائي الذين شاطروني رحلة العمر، الذي ينأى عنا بعيداً كل يوم، وهنا يحضرني قولُ عمِّنا المتنبي شاعر الحكمة حيث يقول:
إذا ترحّلتَ عن قوم وقد قدروا
ألاّ تفارقهم، فالراحلون همُ”.
جدير بالذكر أن الأستاذ مازن زريق عمل في أبوظبي مدرساً للغة العربية في أهمّ وأكبر المدارس منذ عام 1988 وحتى تقاعده عام 2020 ومايزال مقيماً مع أسرته في دولة الإمارات العربية المتحدة.
عن عشقه للاذقية، بسحر أماكنها ودفء أبنائها كتب:
(بيتي الصغير القديم، وجيراني الطيبين، وحارتي الأثيرة لا أنساهم، وكثيراً ما أعود إليهم في أحلامي الليليّة، لأنني أتذكرهم في أحلام اليقظة؛وأحلم بأن أكتبَ قصصاً كثيرة ومحبّبة عن جيراني، الذين عشتُ معهم أجملَ أيام العمر لو يسمح لي الزمان، فللبيوت والجدران والأماكن ذاكرة لا تشيخ أبداً، إليكَ يابيتي، ويا حارتي، ويا جيراني، ويا مدينتي، وياجامعتي، ويا أصدقاء الزمن الجميل، أبثكم محبتي وكثيراً من دموعي لأنكم قدّمتم لي الكثير الكثير الكثير )
وعن رحيل والدته المؤلم القاسي كتب: (لمّا رحلتْ والدتي رحلتها الأخيرة، وكان ذلك في الشهر الأول من العام الجديد، وكان البردُ قارساً، وقد اتصلتْ جارتُها التي كانت معلمة معها في مصياف سنة 1953و لما لم تردّ والدتي على الهاتف، كعادتها، ولأكثر من مرة كسروا الباب، ليجدوها ممددّة على الأرض، وسمّاعة الهاتف متأرجحة في الهواء، وكأنها كانت تريد الاتصال بأحد ما، ولم يسمح لها القدر بذلك، وقد أخبروني بوفاتها بعد أسبوع، كما أنّ الرحلات الجوية كانت معلّقة آنذاك، بسبب حرب الخليج التي كانت مستعرة بين العراق وإيران، يومَها بكيتُ بحرقة، وشعرتُ بملوحةِ الدموع، وبالقهرالموجع، وبفداحة الخسارة..).
جورج ابراهيم شويط