وتسألني…!

الوحدة:17-12-2023

حين سألته..
تلجلج في الكلام ولم يفصح.
عبّ دخان لفافته وراح ينفثها تموجات دائرية
سرح بعينيه صوب الأفق البعيد.
أعدت عليه السؤال. فحدق بي وقال: إلام ترمي؟
قلت: أريد جواباً..
ضغط على يدي بقوة وأشار إلى السهل المنبسط أمامه ثم أدار طرفه إلى التلال المقابلة. وقال: هناك يا صديقي تستطيع طرح همومك.
سنديان عمرك يضمر شيئاً فشيئاً ثم يتلاشى ولا يبقى إلا الترقب والأمل.
هناك. لا شيء يوقف زحف السنا.
تجلس تحت فيء بلوطة تنظر إلى الفجر الزاحف على مهل.
هناك يا صديقي. تنام الحكايات ويرحل الوجع والدروب الحبلى بالأمسيات يفرشن مآزرهن. فتنساب المواويل ما بين المفاصل ويجنّ ليل الهوى يتراقص في أراجيح الغمام.
تسألني وتريد جواباً.. كلّ الأجوبة لا تسرّ يا صديقي فلم تحب أن أجلب الهموم دفاقة إليك؟ نحن الآن في جلسة نرشح الحروف من نبض الكلمات وتفيض المعاني.
نسمع الشعر والموسيقا نحتسي كؤوس العرق معتقة.
سبعون عاماً وأنت والألم توءمان وكل صباح أقول: غداً سيرتحل.. ويمضي الغد وغدٌ. وغدُ وكلٌّ على حاله.
يا صديقي.. انظر إلى تلك الغيمة العابرة. إنها رفوف من الوراوير تستضيفنا أوائل آذار وتغادرنا أوائل أيلول. إنها رحلة العمر المتعبة بحثاً عن حياة لائقة.
الغربة يا صديقي نزف لا يهدأ. تجعل القلوب تنبو من تحت الضلوع
ولياليها فوق احتمال العيون.
وتريد جواباً..
ولا جواب يا صديقي ولا جواب
فلكم قلت: راحلٌ أنت يا غيم القهر. مسافرة في لياليك كلّ الأدخنة ولا بدّ أن يأتي يوم يحمل غيمة زرقاء ترش بطام المنى
فتورق الأحلام
وتسألني يا صديقي: وبعد كل هذا: كيف الحال.
لا جواب يا صديقي. لا جواب

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار