الوحدة – سها أحمد علي
كشفت دراسة علمية حديثة عن خطر غير مرئي داخل المنازل، إذ حذّرت من أن أجهزة منزلية شائعة الاستخدام تطلق كميات كبيرة من الجسيمات متناهية الصغر التي تهدد جودة الهواء الداخلي وتشكل خطراً على صحة الجهاز التنفسي، لا سيما لدى الأطفال. وجاءت هذه النتائج بعد أن أجرى فريق بحثي من جامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية تجارب داخل غرفة أُعدّت خصيصاً لقياس الانبعاثات الصادرة من الأجهزة مثل مجففات الشعر والقلايات الهوائية ومحمصات الخبز.
وأظهرت القياسات أن معظم هذه الأجهزة تنتج كميات هائلة من الجسيمات التي يقل حجمها عن 100 نانومتر، وهي جسيمات دقيقة جداً يمكنها التسلل بعمق داخل الجهاز التنفسي والاستقرار في الرئتين.
كما كشفت النتائج عن تفاوت كبير في كمية الانبعاثات، إذ لوحظ أن أجهزة التسخين والمحركات التقليدية المزودة بفرش تنتج انبعاثات تزيد بما بين 10 و100 ضعف عن تلك الصادرة عن الأجهزة المزودة بمحركات عديمة الفرش.
وفي الدراسة المنشورة في مجلة “Journal of Hazardous Materials” العلمية المتخصصة، كشفت التحليلات الكيميائية أن هذه الجسيمات الدقيقة تحتوي غالباً على معادن ثقيلة كالنحاس والحديد والألومنيوم والفضة والتيتانيوم. وترفع هذه العناصر من خطر السمية الخلوية والالتهابات عند دخولها جسم الإنسان، مما يضاعف من المخاطر الصحية المحتملة.
أما فيما يتعلق بمصير هذه الجسيمات داخل الجسم، استخدم الباحثون نماذج محاكاة حاسوبية لتحديد أماكن استقرارها، إذ تبيّن أن معظمها يترسّب في الحويصلات الهوائية في الرئتين. وأكدت الدراسة أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة لهذا الخطر، ويعود ذلك إلى صغر مجاريهم التنفسية مقارنة بالبالغين، مما يسهل ترسّب كميات أكبر من الجسيمات في رئاتهم.
وعلى الرغم من أن الدراسة لم تقس التأثيرات الصحية المباشرة على المستخدمين، إلا أن الأدلة العلمية السابقة تربط التعرض للجسيمات فائقة الدقة بأمراض خطيرة مثل الربو وأمراض القلب والسرطان.
وفي هذا السياق، أكد البروفيسور تشانغ هيوك كيم، المهندس البيئي وقائد فريق الدراسة، أن النتائج تؤكد الحاجة الملحة إلى تصميم الأجهزة الكهربائية مع مراعاة التحكم في الانبعاثات، وإلى وضع إرشادات وقائية لجودة الهواء الداخلي تراعي الفئات العمرية المختلفة، مما يعزز الحاجة إلى تطوير معايير أكثر صرامة لتصميم الأجهزة المنزلية لتقليل الانبعاثات الضارة وحماية الصحة العامة.