زيارة موسكو.. تصحيح لمسار العلاقات في السياسة والاقتصاد

الوحدة- يمامة إبراهيم

تكتسب زيارة وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني أهمية استثنائية في سياق زياراته العديدة للدول الشقيقة والصديقة، فالزيارة ليست حدثاً عادياً أو برتوكولياً في إطار علاقات الدول يتم فيها تبادل العبارات المنمقة التي تقتضيها اللغة الدبلوماسية، بل هي وقفة لمراجعة علاقات الدولتين، وفرصة لفتح ملفات عديدة إقليمية ودولية تستند إلى دور روسيا ووزنها على الساحة العالمية كقوة لايمكن تجاهلها. الأهم مما ذكرنا أنّ روسيا كانت ممسكة بالملف السوري، وطرفاً فاعلاً ومؤثراً في كل تشابكاته، وكانت عبر سنوات محركاً لأحداثه وراسمة له في أغلب الأحيان.

لهذه الأسباب مجتمعة ينظر المراقبون إلى الزيارة من زاوية ما يمكن أن تؤسس له، وما يمكن أن تحققه من اختراق في جدار العلاقات الباردة على اعتبار أن روسيا دعمت نظام بشار الأسد البائد، ووفرت له عوامل استمراره سنوات ما أطال معاناة السوريين وتهجيرهم، وهذا ماأكده وزير الخارجية أسعد الشيباني في لقائه مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بقوله: “سوريا في مسيرتها نحو بناء اقتصادها تمر بمرحلة مليئة بالتحديات، وهناك فرص كبيرة نطمح أن تكون روسيا إلى جانبنا”.

بدوره، أكد لافروف أنّ روسيا تتطلع إلى زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى روسيا متمنياً أن يتجاوز الشعب السوري التحديات.

إذاً اليوم تبني سوريا علاقاتها الاستراتيجية مع الدول على أساس احترام سيادتها وانطلاقاً من مصلحة شعبها، وتطوي حقبة الطغيان، حيث مثّل سقوط حكم بشار الأسد بداية لإعادة ترتيب علاقات سوريا وفق رؤية وطنية، ومن هذا المنطلق فإنّ الدور الروسي في سوريا بدأ يأخذ منحى مختلفاً مع صعود الحكومة الحالية التي تنطلق في كل خطواتها من مفهوم السيادة والعدالة، وإعادة بناء البلاد على أسس جديدة تراعى فيها مصلحة الشعب.

الكثير من الاتفاقيات التي أبرمها النظام البائد مع روسيا تحتاج تصحيح وإعادة بناء على قاعدة المصالح المشتركة والعلاقات المتوازية والاحترام المتبادل، وهذا ماكان مفقوداً في علاقة سوريا بروسيا خلال عقود ما أغرق الاقتصاد السوري ببحر من الديون المتراكمة، وأفقد سوريا الكثير من مقومات الحرية الاقتصادية، واليوم تواجه سوريا هذه الأعباء الموروثة، وبخاصة ملف الديون وفاتورة استيراد الأقماح إضافة إلى فواتير أخرى عديدة، وبالتالي فإن الزيارة تعيد تصحيح ليس فقط مسار العلاقات السياسية، وإنما الاقتصادية أيضاً.

اليوم إذ تعمل سوريا على إعادة تصحيح مسار العلاقة مع روسيا فهي في هذا المسار لن تفرّط، ولن تتنازل عن سيادتها بل هي تسعى لإقامة شراكات استراتيجية تمكنها من استعادة مكانتها في المجتمع الدولي، وتخدم مسيرتها في إعادة الإعمار، وتصحيح التشوهات الاقتصادية التي خلفتها المرحلة السابقة التي قيدت الاقتصاد كما قيدت أركان السيادة، ولهذا كله تعتبر الزيارة مفصلية وهامة، وجميعنا نتطلع إلى مخرجاتها باهتمام بالغ.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار