الوحدة – ندى كمال سلوم
صدر حديثاً للكاتب جهاد زريق المجموعة القصصية الجديدة بعنوان “خطوة لليأس.. خطوتان للأمل” الصادرة عن دار الفكر بدمشق، بطبعتها الأولى عام 2025.
تقع المجموعة المذكورة في 176 صفحة، نجح الكاتب من خلالها بإيصال فكرته ومبتغاه إلى القارئ بأسلوبٍ سلس وممتع. حيث يتوجه “زريق” عبر شخصيات المجموعة القصصية إلى شريحة الناس البسطاء المضطهدين الذين يحاولون الحفاظ على إنسانيتهم، ولا يتخلون عن الأمل ليكملوا طريقهم في الحياة.
بدايةً، يؤكد الكاتب على تأثير الحالة الاجتماعية على شريحة واسعة من الفتيات في المجتمع العربي، مشيراً إلى (قصة إسعاف) حيث يقف الفقر حائلاً دون بلوغ الأماني، موضحاً الوجدانية المتمثلة في الخذلان المتكرر ومحاولة زرع الأمل دون جدوى، حيث أسقطَ زريق مشاعر بطلة قصته على كل فتاةٍ غلبتها ظروف الحياة، ووقف الفقر المادي عائقاً أمام تحقيق الإنجاز العلمي والعملي، فباتت حياتها برمّتها انتظاراً للزوج.
من جهة ثانية، ينوّه الكاتب إلى قدسية الروابط البشرية بين الأم والابن من خلال وقائع قصة “الساعة السابعة وعشر دقائق”، التي تلامس قلب القارئ وتوقظ فيه مشاعر الحزن والتعاطف، موضحةً في تفاصيلها العلاقة القوية التي تجمع الأم بولدها، ولعل أكثر المشاهد حزناً في هذه القصة هو وفاة أم رضوان يوم تخرّج ابنها، حيث نلمس أعلى درجات الوفاء عند رضوان لذكرى والدته، حيث لم يتخل عن هديتها يوم تخرجه خاصةً بعد أن أصبحت مكانته مميزة ومرموقة في المجتمع.
وفي السياق ذاته، يبيّن زريق مسألة تكرار الأحداث اليومية بحذافيرها عبر قصة الشاب خليل، هذا الإنسان القرويّ البسيط الذي يرى الحياة من كوّة عمله كقاطع تذاكر في محطة القطار، حيث يمر الزمن وهو يراقب المسافرين دون أن يجرب لمرة واحدة أن يكون مكانهم ويسافر بعيداً، لكنّ هذا الحلم، أوقفه صفير القطار بإيقاظه معلناً وصوله للمحطة، ويعود خليل إلى حياته الرتيبة.
ويؤكد الكاتب زريق رفض المتاجرة بالعلم من خلال شخصية الأستاذ أمين في قصة دفتر الديون، هذه الشخصية النزيهة التي أبت أن تتاجر بالعلم وإعطاء الدروس الخصوصية، أو الاستدانة، فلاحقه كابوس دفتر الديون يومياً إلا أن الأمل وجد طريقه إليه ليهديه، مبلغاً وفيراً من المال، فآثر أن يستثمره في إحراق دفتر الديون.
وختاماً، يطرح الكاتب زريق التساؤل الآتي: هل يحتكر الأثرياء الكرم؟ حيث تظهر الإجابة جليةً من خلال شخصية بائع الطوابع البسيط عبد الرحيم، الذي أراد أن يدعو جاره الثري إلى منزله في مأدبةٍ أنفق فيها كل ماله، ولكنه لم يحصل إلا على خيبة الأمل والخذلان وعدم اكتراث الإنسان بمشاعر الآخر.