الوحدة:12-11-2023
لقد ساد الملل الزوجي حياتنا على الرغم من ضجيج الحياة وحركتها الدائبة، فلماذا غابت الضحكات السعيدة وغلب الجفاء المر في البيوت؟
الحياة نوبات من الصعود والهبوط، إنها أشبه بالمد والجزر، ولهذا يقال: إن الحياة يوم لك ويوم عليك وفي العلاقة الزوجية يتخلل الصفاء بعض النكد، ويتخلل العواطف الجياشة بعض الركود، ولولا تلك التقلبات لاتشحت العلاقة بالآلية المملة.
أياً كانت درجة التفاهم في الحياة الزوجية، فإن الفتور لابد أن يحدث وفي تلك اللحظات الفاترة يتنامى الشك والخصام، ويزداد استعداد الطرفين لتغذية أي خلاف عادي بإثارة نزاع كبير.
من المعروف أن أي علاقة زوجية تنشد الاستقرار والسعادة، وفي بعض العلاقات يكون للسعادة والهناء عمر محدود، سرعان ماتنقلب بعده العلاقة إلى نكد مستديم، وقد يستمر الصفاء لسنة، أو اثنتين أو لعشر سنوات، لكن بعض العلاقات تكون أقل حظاً إذ ينفذ مخزون ( العسل ) من الأشهر الأولى، فيحط الطرفان على واقع مرير.
وبصفة عامة، إن مقومات السعادة في العيش الكريم، السكن، الحب، تلبية الرغبات النفسية، القناعة، إنجاب الأطفال، والقدرة على تربيتهم، والوفاء باحتياجاتهم، تلبية متطلبات المنزل والمعيشة، والقدرة على الوفاء بالمتطلبات والأدوار الإجتماعية المختلفة.
تتشكل السعادة، وقد ينجح الطرفان في تحقيق بعض تلك العوامل ويخفقان في تجميع أخرى، وهنا تظهر الحاجة للكفاح والعمل المشترك من أجل استكمال عناصر السعادة، إذ من الخطأ تصوير العلاقة الزوجية على أنها عملية عفوية وأنها قادرة على المسير بزخم ذاتي، إن العلاقة الزوجية هي كالكائن الحي الذي يحتاج على الدوام إلى تغذية و رعاية لكي ينمو بصحة وعافية.
وبالتالي فإن التعامل مع العلاقة على أنها ضرب من المسلمات هو نوع من الإهمال بحق الذات والآخر، كما بحق العائلة.
ولعل هذه الحقيقة توفر بعض الضوء بشأن أسباب الفتور الزوجي، فإن كانت السعادة هي الهدف النهائي للزواج فإن السعادة تتأثر بالمشكلات الحياتية اليومية، وبشكل عام فإن الزواج المضطرب يخلق الأرضية المناسبة لجلب الفتور، والفتور كما هو معلوم ينجم عن التباعد، والتباعد قد ينشأ عن أسباب ذاتية وأخرى موضوعية، فالشخصية النكدية تخلق الفتور، وكذلك تفعل الشخصية الأنانية والعدوانية والأطراف الثلاثة تتسبب في كل ذلك سواء كانت تدخلات من الأهل، أو من الأصحاب، وظروف الحياة نفسها قد تؤدي إلى توترات ينبثق عنها الفتور، ومثال ذلك الشك الناجم عن طبيعة عمل أحد الزوجين والفراغ الذي يؤدي بأحد الزوجين إلى التصرف بشكل مريب إلخ.
ومن المؤكد أن الفتور والملل الزوجيين يمثلان حالة قابلة للعلاج والإصلاح، ولترميم العلاقة الزوجية لابد من وجود إرادة لدى أحد طرفيها على الأقل، وعدم ممانعة لدى الآخر، ولابد هنا من التأكيد على أن الحياة الزوجية السعيدة تتطلب بعض المفاتيح الضرورية مثل التحلي بالمسؤولية والتفاعل والتعاون، والمشاركة والحوار، وإلى جانب الأبعاد العاطفية والعائلية للزواج يجب أن يكون هناك قدر من الصداقة بين الطرفين تلك الصداقة التي تشكل ضمانة لتبادل الآراء والمشاعر وبث الشكوى و التفهم.
لمي معروف