“ورق عتيق” … مقهى ثقافي لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة

الوحدة 11-11-2023

يشكل مقهى “ورق عتيق” حالة إنسانية ثقافية إبداعية مميزة، تعتبر الأولى من نوعها في سورية، حيث يقدم المقهى صورة مختلفة عن المقاهي ودورها، فبعيداً عن الصخب والضجيج، ودخان الأراكيل، والتلوث السمعي والبصري، يجد المرء نفسه في مساحة هادئة، مليئة بالمحبة والطاقة الإيجابية، وأهم ما يميز المقهى بالإضافة للمكتبة التي تحتوي مئات الكتب واللوحات الفنية التي تزين الجدران، والأعمال اليدوية المشغولة من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة هو أن العاملين في المقهى من أصحاب متلازمة داون “متلازمة الحب”.
ورق عتيق فكرة… فكرة (حلوة كتير)
تقول صاحبة المقهى لينا ضاهر: “ورق عتيق” ليس مجرد مقهى بل فكرة…فكرة جميلة جداً، ومساحة للتلاقي والمحبة، هدفه ورسالته دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بسوق العمل، وجعلهم أشخاصاً منتجين، وتضيف ضاهر: نشأت فكرة “ورق عتيق” أثناء عملي في إحدى الجمعيات التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، هناك اكتشفت أن ذوي الاحتياجات الخاصة يملكون طاقة محبة وقدرة على العمل والعطاء، وأنهم مختلفون وليسوا متخلفين حسب الصورة المأخوذة عنهم، وعندما طرحت منظمة “UNDP” مشروع تحدي “الفكرة الأفضل”، تقدمت بمشروع “اقرأ” وفاز من بين 27 مشروعاً آخر، وقدمت لي المنظمة منحة للبدء بالمشروع، وتؤكد ضاهر أن المشروع يحمل رسالة إنسانية تسعى للارتقاء بفكر الإنسان وعقله وتأمين بيئة مناسبة وملائمة لعمل ذوي الاحتياجات الخاصة وليس مشروعاً تجارياً، ونحن في المقهى أسرة واحدة، كما أننا نخصص جزءاً من مدخول المقهى لكفالة سنوية لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وعن النشاطات المتعددة والمتنوعة في المقهى قالت ضاهر: لقد خلفت الحرب الظالمة التي شنت ضدنا آثاراً سلبية، وإيماناً منا بأهمية الثقافة والمعرفة، نحرص على إقامة نشاطات ثقافية وفنية، حيث يمكن لرواد المقهى قراءة أي كتاب من المكتبة، وهناك لوحات فنية يعود ريعها لذوي الاحتياجات الخاصة وأمسيات غنائية يقدم خلالها أغانٍ تراثية بمرافقة العود والكمان.
وبالنسبة لرواد المقهى بينت ضاهر أنهم من مختلف شرائح المجتمع ومن كافة الأعمار، فالمقهى مساحة وفسحة للتلاقي وتبادل الأفكار، والارتقاء بالعقل والتفكير، ونشر ثقافة المحبة.
مارسيل سكيف 37 عاماً من ذوي الاحتياجات الخاصة قالت: بدأت العمل في مقهى ورق عتيق منذ حوالي العام تقريباً، أشعر بسعادة كبيرة، أصبح لدي دخل مادي، المقهى ليس مكاناً للعمل فقط بل هو بيت حقيقي، أشعر أنني وسط أسرتي، و لدي أصدقاء من رواد المقهى، وازدادت ثقتي بنفسي.
الأستاذ غيث متقاعد أحد رواد المقهى قال: اعتدت التردد والجلوس لما لمسته من خصوصية تجذبني للقراءة بوجود هذا الكم من الكتب المنوعة، وبإمكاني استعارة أي كتاب قد لا تسمح لي الظروف بشرائه.
محمد ونور طالبان جامعيان يجلسان على إحدى الطاولات توجهنا بسؤالهما عن سبب اختيارهما هذا المقهى قالوا: هدوء المكان يجعلنا نركز أكثر على الدراسة وكذلك الاستفادة من الكتب والمعلومات التي تحتويها، وباعتبارنا لسنا أصحاب دخل بإمكاننا تقديم القليل لهؤلاء الأشخاص الذين تعلمنا منهم بأنه مهما كانت الظروف قاسية وخصوصاً الجسدية علينا السعي دائماً والعمل لإكمال مشوار الحياة.

معينة أحمد جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار