الوحدة:5 -11-2023
مسلسل الحمضيات السنوي، بدأت حلقاته الأولى المأساوية منذ نحو الشهر، وتتكرر معاناة أبطال هذه الدراما، فهم أنفسهم الذين يقاسون العذاب بجوانبه العديدة، لكن يبدو أن فصوله وحلقاته الأخيرة قد تنتهي هذا العام إذا لم يتم العمل على إيجاد مخرج حقيقي لتسويق الحمضيات أسوة بباقي المحاصيل!
غالبية المزارعين بدا عليهم اليأس وقلّة الحيلة، فالأمل ضعيف والنيات الحكومية تحت الاختبار .. ومن الحيازات العريضة في جبلة، حيث كان (للوحدة) وقفة مع بعضهم، شكاويهم وأوجاعهم ومعاناتهم لسان حال باقي المزارعين على طول الساحل، أحدهم أكد وعن قناعة بأن ضعف القوة الشرائية لا تجعله يخرج عن المألوف في تأمين حاجياته اليومية، فالمواطن أصبح همّه شراء مواد غذائية يعيل بها عائلته ويسعى سعيه للحصول عليها بدلاً من شراء الحمضيات (التي يعتبرها آخر همّه في هذه الظروف)، وأضاف: يتم الآن إعدام حقول الحمضيات بسبب السياسة المتّبعة للتسويق عبر التفكير الجدّي بترك هذه الزراعة المُضنية.
سردة بسيطة أنشدها أحد المزارعين تُبين الفروقات السعرية في سبيل الحصول على مردود بسيط، قفص بلاستيك سعة ١٠ كغ ٣٨٠٠ ل.س، أمّا الفلّينة ٤٠٠٠ ل.س، بالمقابل سعر كيلو ليمون الحامض قائم ١٠٠٠ ل.س، وهذه إحدى المعادلات الخاسرة بالنسبة لمزارع قضى أغلب حياته يعتني بأشجاره كي تُعيله على الاستمرار.
وأكّد آخر بكل حسرة وأسف أن هناك واقع لا يمكن تجاوزه، ابتداء من يومية عامل القِطاف، إذ تصل تكلفة القِطاف للكيلو الواحد ١٧٥ ل.س، أضف إلى ذلك فرق الوزن والعبوة وحذف ٢%، وعمولة ٦%، بالإضافة لأجور النقل، وجميع هذه الأسعار تُعد نفقات مباشرة، أمّا الأدوية والمبيدات وكذلك الأسمدة والري هي خارج المعادلة الحسابية تماماً، وبالتالي فإن مزارع الحمضيات خاسر بكل جدارة وحقّه الطبيعي البحث عن مصدر آخر للرزق.
وبالنهاية فإن هناك غبن وظلم حقيقي يقع على مزارعي الحمضيات، فهل ستكون هناك دراسة واقعية لتسويق هذا المحصول، وجرأة حقيقية بفتح باب التصدير إلى خارج الحدود، وهل ستفي المؤسسة السورية للتجارة بوعودها والتزامها بتسويق جزء (معقول) من المحصول، أسوة بالمحاصيل الأخرى(من المنتج إلى المستهلك) ؟
هل سيحيا الحلم الموءود وتعود فكرة معامل العصائر؟! حينها كيف ستكون سياسة التسويق إذا دارت عجلة تلك المعامل، أم أن المزارع سيكون صاحب كل شيء من الألف إلى ياء المعامل، أم أن فكرتها أصبحت في غياهب النسيان بعد قدوم الموز.
سليمان حسين