الغسانية.. حكاية قرية هجّرها الإرهاب

الوحدة:19-10-2023

ككثيرٍ من قرى محافظة إدلب، دخل الإرهابيون في ذروة الحرب الكونية على سورية (قرية الغسانية)، فتهجّر كلُ سكانها الذين كانوا يعيشون بسلام وهناء، واستقرار، وتشرّدوا هنا وهناك، وكانت اللاذقية بناسِها، وقراها، وبحرها، واقتصادها الملاذَ الآمن لهم وللعديد من المهجّرين من محافظات أخرى..
(ميخائيل محرداوي)، مختار سابق للغسانية (77 عاماً)، واحدٌ ممّن تهجّروا مع عائلته، وهو مِن أولئك الذين عاركوا الحياة في مهنٍ عديدة، بسعي دؤوب، ليؤسس، بالنهاية، أسرةً سعيدة، يقول بعدها، ومن خلالها، أنني أديت رسالتي تجاهها ضمن ظروف وصعاب كي أصل بها ومعها إلى بر الأمان..
فهو، كما يقول، عمل في الزراعة، وفي البناء، وعمل كسائق في شركاتٍ عديدة، ومنها شركة بلغارية قامت بتنفيذ خط قطار (حلب- اللاذقية)..
في البناء شارك بإنشاء معمل نسيج اللاذقية في السبعينيات، ومدارس في ريف الحفة، ومشروع نقل مياه من نبع اللج، مع الكثير من الأبنية التي شمخت في قريته (الغسانية)، كما جرَّبَ حظه بالعمل في ليبيا، لفترة، ككثيرين من الشباب في ذلك الوقت..
حين تزوّج عام 1971 اشترى فرشَ البيت المؤلف من (خزانة، وتخت، وصوفايتين، وطاولة نص، و4تربيزات..) كلها ب 350 ليرة، وبرّاد بردى ب 500 ليرة، وغسالة/ فراشي ب 150 ليرة، وحين أتيح له بناء بيت، لم تتجاوز كلفة بناء 4 طبقات، بمساحة 120 م2 المئة وخمسين ألف ليرة، كان حينها ثمن الحديد، والإسمنت، والبحص الأسود، والرمل الأحمر، وكذلك الأجور، وأجور النقل بعشرات الليرات..
حصل عام 1966 على شهادة سواقة (عمومي)، وعمل لسنوات كسائق مع شركة النقل، الشهيرة في حينه، (آمنة)، وكانت تضمّ 50 سيارة، كانت بالأصل سيارات إسعاف، اشتراها صاحب الشركة من إيطاليا وحوّلها إلى سرافيس (13 راكباً)، واشترى السيارة الواحدة حينها بين5 و 7 آلاف ليرة، وكان مركز انطلاقها الرئيسي (حلب)، ولها خطوط على العديد من المحافظات والمواقع السياحية، كصلنفة، وكسب، وسلمى، والبسيط، والبدروسية، وكانت أجرة الراكب لاتتجاوز المئة ليرة. حينها كان ليتر المازوت ب 7 ليرة..
وحكى لي عن مسيرته وعشقه للأرض خلال 20 عاماً من عمره، وأهمية السماد والفلاحة للأرض، وأهمية العلف للمواشي، وتذكر الخيرات التي كانت تغدقها الأرض، وتسعد الفلاح وتاجر السوق والمستهلك بليرات قليلة لكن فيها بركة، وطعم، ويُقابلها أيضاً شكر ورضى..
ويلفت انتباهي إلى انه كان أحدَ المرافقين الامنيين لرئيس الجمهورية في الستينيات، وكان يحصل على 70 ليرة، بينما كان راتب العسكري (14 ليرة إلا ربعاً)..وتحدّث لي عن شخصية اقتصادية مهمة خرجت من قريته، وعن بعض أبنائها الذين ساهموا في بنائها ونهضتها وتحسين خدماتها كمنطقة سياحية..

* ختاماً..
هل أنتم معي مع مقولة:
في داخل كل إنسان، حكاية، أو (رواية)، هي في المحصلة (حصيلة عمر) ؟

جورج إبراهيم شويط

تصفح المزيد..
آخر الأخبار