الوحدة: ١٨-١٠-٢٠٢٣
بتنا نلحظ في الآونة الأخيرة تلاشي الروابط الأسرية وكثير من الأعراف والقيم الاجتماعية التي تعتبر أساس تماسك المجتمع السوري، وذلك نتيجة تردي الواقع الاقتصادي وغلاء المعيشة الذي لم تستطع الأسر استيعابه، فوقفت حائرة عاجزة أمام صفير الأسعار الصارخ في كل مجالات ومتطلبات الحياة، هذا الأمر الذي عكس سلبياته على العلاقات الأسرية والاجتماعية سواء بين الأفراد ضمن الأسرة الواحدة أو تعامل الأسرة مع الآخرين كالأقارب والأصدقاء وغيره من العلاقات السائدة في المجتمع ككل.
حالات عدة التقيناها وأبدت لنا رأيها حول موضوعنا هذا، كما سردت لنا قصصاً يومية تمر بها وقد تركت ضغوطات الحياة وبالتحديد (ضغط الغلاء المعيشي) آثارها السلبية المؤثرة في كيفية التعامل مع المواقف والتي أصبح من الصعب جداً تخطيها، فوقفوا عاجزين أمامها.
السيدة منى قالت: حتى أختي الوحيدة والغالية على قلبي لم أعد أستطع زيارتها إذ كنا نتبادل الزيارات العائلية كل أسبوع ونقوم بتجهيز الموائد العائلية المزينة بجميع أنواع الوجبات الغذائية السورية المعروفة، إضافة لكل ما تشتهيه أعين وأنفس أطفالنا ولكن هذه الظاهرة انعدمت تماماً لعدم قدرتنا حتى على دفع تكاليف المواصلات بالدرجة الأولى لكون أختي متزوجة في قرية أخرى والأمر يحتاج لسيارة أجرة حيث أن التكلفة المادية للمواصلات فقط ذهاباً وإياباً يحتاج ٢٠٠ ألف ل. س ومردود زوجي بالكامل لا يتجاوز ١٩٠ ألف ل.س، فكيف لو أردنا تأمين أدوات الطبخ وغيرها لتجهيز مائدة لعائلتين معاً، لذا هذا الأمر أصبح محالاً وهكذا بتنا نكتفي بالاطمئنان على بعض من خلال الهاتف وألغينا تلك الزيارات العائلية تماماً.
أم أحمد بيّنت لنا بامتعاض وانزعاج قائلة: لا أريد رؤية أحد، كيف لي أن أستقبل الجيران أو الأقارب ومجرد شراء كيلو من البن والذي هو أبسط الأمور التي كنا نستقبل بها ضيوفنا أصبح يكلف دخل أسرة بالكامل؟ هل من المعقول أن أزور أقاربي أو صديقاتي في هذه الأيام أو ادعوهم لوليمة ما كالسابق؟ حتماً لن أستطيع.
لتضيف أم أحمد: إن همي كله محصور بالتفكير حول كيفية تأمين لقمة العيش لأبنائي، أما بالنسبة للعلاقات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء فترى السيدة أنها انعدمت والسبب الأول بنظرها هو الغلاء المعيشي الذي يتحكم بالجميع.
جراح عدره
تصفح المزيد..