سلطان العارفين جلال الدين الرومي … حكاية عشق

الوحدة 30-9-2023

جلال الدين الرومي صوت خاص، واسم بارز في الثقافة العالمية، كونه صاحب تجربة إسلامية منفتحة على الإنسانية، بأفكاره المنشورة عبر أشعاره وكتاباته، فهو العارف بالله الذي ربط أبصارنا بأرواحنا ووصلها بالله.
لذلك فإن احتفاء الإيرانيين بالذكرى السنوية لتكريم هذا الشاعر الفارسي الكبير وتكريمه ليس سوى تأكيد على أن مسيرة العظماء من المبدعين والمثقفين، ليست عابرة على هامش الحياة، بل هي محطات مشرقة، ومفاصل زاهية ساطعة، من المحال القفز عليها، أو تجاوزها؛ لأنها منقوشة على جبين التاريخ الذي سطّرها بأحرف من نور.
ولد الرومي بمدينة بلخ بخراسان، عام 1207م ، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، واستقر في قونية حتى وفاته في عام 1273م ، بعد أن تنقل طالباً للعلم في مدن عدة أهمها دمشق.
و يعد الشاعر والعالم جلال الدين الرومي من أبرز أعلام العرفان في التاريخ الإسلامي وأكثرهم تأثيراً على مر العصور. ويوصف بأنه ذو رؤية تمثل رسالة عالمية تخاطب كافة حضارات العالم باعتبارها مصدر إلهام لكل الناس، و هكذا فقد دخل الرومي تاريخ العرفان من أوسع أبوابه باعتباره أحد أهم العارفين بالله في التاريخ الإسلامي.
تبدو شخصيته متشعبة المنحنيات الفكرية والثقافية، لنجدهـا إلى جانب اشتغالها بالعلوم الشرعية متضلعة في العلوم العقلية ومتبحرة في عالم العرفان، إلى جانب قدراتها الأدبية التي توصل عن طريقها أفكارها وآراءها بلغة شعرية رقيقة الألفاظ، محكمة المبنى، رائعة الأسلوب.
كما أسس الرومي “المذهب المثنوي” في الشعر الذي كان أبرز تجلياته ديوانه الشعري المعروف بـ”مثنوي معنوي” و الذي كتب فيه مئات الآلاف من أبيات الشعر عن العشق الإلهي من منظور عرفاني.
وتحظى أشعاره برواج كبير في العالم بعد أن لقيت استحساناً و انبهاراً من المسلمين ومن غير المسلمين، الذين عكفـوا على ترجمة مؤلفاته لا سيما في الولايات المتحدة التي نال الرومي فيها صفة الشاعر ذي الأعمال الأكثر مبيعاً عام 2014.
وظهر نتاج ضخم يتضمن كتباً ودراسات وأبحاثاً وترجمات عن حياة الرومي وفكره وشعره، وأغلبيتها كانت باللغات الفارسية والعربية والأوردية والإنجليزية والفرنسية والألمانية. كما كانت شخصيته موضوعاً لعدة أعمال سينمائية.
يدعو جلال الدين الرومي الإنسان إلى تفعيل القيم الأخلاقية – التربوية، الروحية، الجمالية- لكون عالمنا المعاصر طغت فيه الماديات وابتعد الإنسان عن تلك القيم التي تـُحْيي الجانب الروحي الذي يستقي منه الإنسان مختلف القيم.

د. رنا هاشم جوني

تصفح المزيد..
آخر الأخبار